responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 73
بِبَاعِثِ الْأَمْرِ وَالتَّكْلِيفُ دُونَ بَاعِثِ الْإِكْرَاهِ. فَإِنْ أَقْدَمَ لِلْخَلَاصِ مِنْ سَيْفِ الْمُكْرَهِ لَا يَكُونُ مُجِيبًا دَاعِيَ الشَّرْعِ، وَإِنْ انْبَعَثَ بِدَاعِي الشَّرْعِ بِحَيْثُ كَانَ يَفْعَلُهُ لَوْلَا الْإِكْرَاهُ بَلْ كَانَ يَفْعَلُهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُهُ طَاعَةً لَكِنْ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا وَإِنْ وَجَدَ صُورَةَ التَّخْوِيفِ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ.

[مَسْأَلَةٌ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَنْ يَكُونَ شَرْطُهُ حَاصِلًا حَالَةَ الْأَمْرِ]
ِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَنْ يَكُونَ شَرْطُهُ حَاصِلًا حَالَةَ الْأَمْرِ،
بَلْ يَتَوَجَّهُ الْأَمْرُ بِالشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَيَكُونُ مَأْمُورًا بِتَقْدِيمِ الشَّرْطِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُخَاطَبَ الْكُفَّارُ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ كَمَا يُخَاطَبُ الْمُحْدِثُ بِالصَّلَاةِ بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ وَالْمُلْحِدُ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ بِشَرْطِ تَقْدِيمِ الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ. وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إلَى إنْكَارِ ذَلِكَ، وَالْخِلَافُ إمَّا فِي الْجَوَازِ وَإِمَّا فِي الْوُقُوعِ. أَمَّا الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ فَوَاضِحٌ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» وَأَنْتُمْ مَأْمُورُونَ بِجَمِيعِهَا وَبِتَقْدِيمِ الْإِسْلَامِ مِنْ جُمْلَتِهَا، فَيَكُونُ الْإِيمَانُ مَأْمُورًا بِهِ لِنَفْسِهِ وَلِكَوْنِهِ شَرْطًا لِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ كَمَا فِي الْمُحْدِثِ وَالْمُلْحِدِ.
فَإِنْ مَنَعَ مَانِعٌ الْجَمِيعَ وَقَالَ: كَيْفَ يُؤْمَرُ بِمَا لَا يُمْكِنُ امْتِثَالُهُ، وَالْمُحْدِثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ فَإِذَا تَوَضَّأَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ؟ قُلْنَا: فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَوْ تَرَكَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ جَمِيعَ عُمُرِهِ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ قَطُّ بِالصَّلَاةِ، وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ أَمْرُهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ بِالصَّلَاةِ بَلْ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُهُ، وَلَا بِالتَّكْبِيرِ بَلْ بِهَمْزَةِ التَّكْبِيرِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْكَافِ ثَانِيًا وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ.
وَكَذَلِكَ السَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَجَّهَ الْأَمْرُ بِهِ إلَّا بِالْخُطْوَةِ الْأُولَى ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ. وَأَمَّا الْوُقُوعُ الشَّرْعِيُّ فَنَقُولُ: كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّصَ خِطَابُ الْفُرُوعِ بِالْمُؤْمِنِينَ كَمَا خُصِّصَ وُجُوبُ الْعِبَادَاتِ بِالْأَحْرَارِ وَالْمُقِيمِينَ وَالْأَصِحَّاءِ وَالطَّاهِرَاتِ دُونَ الْحُيَّضِ؛ وَلَكِنْ وَرَدَتْ الْأَدِلَّةُ بِمُخَاطَبَتِهِمْ، وَأَدِلَّتُهُ ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ: قَوْله تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42] {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43] الْآيَةَ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ عَذَّبَهُمْ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَحَذَّرَ الْمُسْلِمِينَ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ حِكَايَةُ قَوْلِ الْكُفَّارِ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا قُلْنَا: ذَكَرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي مَعْرِضِ التَّصْدِيقِ لَهُمْ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّحْذِيرُ، إذْ لَوْ كَانَ كَذِبًا لَكَانَ كَقَوْلِهِمْ: عُذِّبْنَا؛ لِأَنَّا مَخْلُوقُونَ وَمَوْجُودُونَ، كَيْفَ وَقَدْ عُطِفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 46] فَكَيْفَ يُعْطَفُ ذَلِكَ عَلَى مَا لَا عَذَابَ عَلَيْهِ؟ فَإِنْ قِيلَ: الْعِقَابُ بِالتَّكْذِيبِ لَكِنْ غَلُظَ بِإِضَافَةِ تَرْكِ الطَّاعَاتِ إلَيْهِ. قُلْنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُغَلَّظَ بِتَرْكِ الطَّاعَاتِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُغَلَّظَ بِتَرْكِ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَمْ يُخَاطَبُوا بِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: عُوقِبُوا لَا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَكِنْ لِإِخْرَاجِهِمْ أَنْفُسَهُمْ بِتَرْكِ الْإِيمَانِ عَنْ الْعِلْمِ بِقُبْحِ تَرْكِ الصَّلَاةِ. قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدِهَا: أَنَّهُ تَرْكٌ لِلظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا دَلِيلٍ، فَإِنَّ تَرْكَ الْعِلْمِ بِقُبْحِ تَرْكِ الصَّلَاةِ غَيْرُ تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالُوا {لَمْ نَكُ مِنْ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 43] الثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ كَافِرٍ بَاشَرَ الْقَتْلَ وَسَائِرَ الْمَحْظُورَاتِ وَبَيْنَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا اسْتَوَيَا فِي إخْرَاجِ النَّفْسِ بِالْكُفْرِ عَنْ الْعِلْمِ بِقُبْحِ الْمَحْظُورَاتِ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ. الثَّالِثِ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ النَّظَرَ وَالِاسْتِدْلَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَاقَبَ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نَفْسَهُ بِتَرْكِ النَّظَرِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْعِلْمِ بِوُجُوبِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِيمَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست