responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 58
لَكَانَ مُقَدَّرًا، فَمَا الْمِقْدَارُ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الرَّأْسِ وَإِمْسَاكُهُ مِنْ اللَّيْلِ؟ قُلْنَا: قَدْ وَجَبَ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى الْوَاجِبِ وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، بَلْ يَجِبُ مَسْحُ الرَّأْسِ وَيَكْفِي أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، فَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ بِهِ غَسْلُ الْوَجْهِ.
وَهَذَا التَّقْدِيرُ كَافٍ فِي الْوُجُوبِ. فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَ يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ، وَتَارِكُ الْوُضُوءِ لَا يُعَاقَبُ عَلَى مَا تَرَكَهُ مِنْ غَسْلِ الرَّأْسِ بَلْ مِنْ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَتَارِكُ الصَّوْمِ لَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ الْإِمْسَاكِ لَيْلًا. قُلْنَا: وَمَنْ أَنْبَأَكُمْ بِذَلِكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ عَرَفْتُمْ أَنَّ ثَوَابَ الْبَعِيدِ عَنْ الْبَيْتِ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ الْقَرِيبِ فِي الْحَجِّ، وَأَنَّ مَنْ زَادَ عَمَلُهُ لَا يَزِيدُ ثَوَابُهُ وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ التَّوَصُّلِ؟ وَأَمَّا الْعِقَابُ فَهُوَ عِقَابٌ عَلَى تَرْكِ الصَّوْمِ وَالْوُضُوءِ وَلِيس يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَاءِ الْفِعْلِ، فَلَا مَعْنَى لِإِضَافَتِهِ إلَى التَّفَاصِيلِ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَدَرَ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى غَسْل الْوَجْهِ لَمْ يُعَاقَبْ، قُلْنَا: هَذَا مُسَلَّمٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْعَاجِزِ أَمَّا الْقَادِرُ فَلَا وُجُوبَ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَة إذَا اخْتَلَطَتْ مَنْكُوحَةٌ بِأَجْنَبِيَّةٍ]
مَسْأَلَة قَالَ قَائِلُونَ إذَا اخْتَلَطَتْ مَنْكُوحَةٌ بِأَجْنَبِيَّةٍ قَالَ قَائِلُونَ: إذَا اخْتَلَطَتْ مَنْكُوحَةٌ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمَا.
لَكِنَّ الْحَرَامَ هِيَ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْمَنْكُوحَةُ حَلَالٌ وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْهَا. وَهَذَا مُتَنَاقِضٌ، بَلْ لَيْسَ الْحُرْمَة وَالْحِلّ وَصْفًا ذَاتِيًّا لَهُمَا بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا حُرِّمَ فِعْلُ الْوَطْءِ فِيهِمَا فَأَيُّ مَعْنًى لِقَوْلِنَا وَطْءُ الْمَنْكُوحَةِ حَلَالٌ وَوَطْءُ الْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ؟ بَلْ هُمَا حَرَامَانِ إحْدَاهُمَا بِعِلَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْأُخْرَى بِعِلَّةِ الِاخْتِلَاطِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، فَالِاخْتِلَافُ فِي الْعِلَّةِ لَا فِي الْحُكْمِ.
وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا فِي الْأَوْهَامِ مِنْ حَيْثُ ضَاهَى الْوَصْفُ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ الْوَصْفَ بِالْعَجْزِ وَالْقُدْرَةِ وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَالصِّفَاتِ الْحِسِّيَّةِ، وَذَلِكَ وَهْمٌ نَبَّهْنَا عَلَيْهِ إذْ لَيْسَتْ الْأَحْكَامُ صِفَاتٍ لِلْأَعْيَانِ أَصْلًا؛ بَلْ نَقُولُ: إذَا اشْتَبَهَتْ رَضِيعَةٌ بِنِسَاءِ بَلْدَةٍ فَنَكَحَ وَاحِدَةً حَلَّتْ وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الرَّضِيعَةُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَلَا نَقُولُ إنَّهَا لَيْسَتْ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى زَوْجَةً لَهُ، إذْ لَا مَعْنَى لِلزَّوْجَةِ إلَّا مَنْ حَلَّ وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ، وَهَذِهِ قَدْ حَلَّ وَطْؤُهَا فَهِيَ حَلَالٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَا نَقُولُ هِيَ حَرَامٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَحَلَالٌ عِنْدَهُ فِي ظَنِّهِ، بَلْ إذَا ظَنَّ الْحِلَّ فَهِيَ حَلَالٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ تَصْوِيبِ الْمُجْتَهِدِ. أَمَّا إذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: " إحْدَاكُمَا طَالِقٌ " فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَحِلُّ وَطْؤُهُمَا وَالطَّلَاقُ غَيْرُ وَاقِعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَحَلًّا فَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ حُرِّمَتَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَحَلِّ الطَّلَاقِ ثُمَّ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ مُوجِبُ ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ أَمَّا الْمَصِيرُ إلَى أَنَّ إحْدَاهُمَا مُحَرَّمَةٌ وَالْأُخْرَى مَنْكُوحَةٌ كَمَا تَوَهَّمُوهُ فِي اخْتِلَاطِ الْمَنْكُوحَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ فَلَا يَنْقَدِحُ هَهُنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ جَهْلٌ مِنْ الْآدَمِيِّ عَرَضَ بَعْدَ التَّعْيِينِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ مُتَعَيِّنًا فِي نَفْسِهِ بَلْ يَعْلَمُهُ اللَّهُ تَعَالَى مُطْلَقًا لِإِحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا سَيُعَيِّنُهُ فَتَكُونُ هِيَ الْمُحَرَّمَةُ الْمُطَلَّقَةُ بِعَيْنِهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا هُوَ مُشْكِلٌ عَلَيْنَا. قُلْنَا: اللَّه تَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَلَا يَعْلَمُ الطَّلَاقَ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ مَحَلُّهُ مُتَعَيِّنًا بَلْ يَعْلَمُهُ قَابِلًا لِلتَّعْيِينِ إذَا عَيَّنَهُ الْمُطَلِّقُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُعَيِّنُ زَيْنَبَ مَثَلًا، فَيَتَعَيَّن الطَّلَاقُ بِتَعْيِينِهِ إذَا عَيَّنَ لَا قَبْلَهُ.
وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ: اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا سَيَفْعَلُهُ الْعَبْدُ مِنْ خِلَالِ الْكَفَّارَةِ وَلَا يَعْلَمُهُ وَاجِبًا بِعَيْنِهِ بَلْ وَاجِبًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي الْحَالِ، ثُمَّ يَعْلَمُ صَيْرُورَتَهُ مُتَعَيِّنًا بِالتَّعْيِينِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَمُوتُ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست