responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 375
فَإِنَّهُمَا يَقْبَلَانِ النَّسْخَ، وَالْإِجْمَاعُ يَقْبَلُهُ، فَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى النَّسْخِ إذْ لَا تَجْتَمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى الْخَطَإِ. ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَلَى رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَاطِعَ وَلَا يُتَصَوَّرُ التَّعَارُضُ فِي الْقَطْعِيَّاتِ السَّمْعِيَّةِ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا، فَمَا وُجِدَ فِيهِ نَصُّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ أُخِذَ بِهِ، وَيَنْظُرَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى عُمُومَاتِ الْكِتَابِ وَظَوَاهِرِهِ، ثُمَّ يَنْظُرَ فِي مُخَصِّصَاتِ الْعُمُومِ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَمِنْ الْأَقْيِسَةِ فَإِنْ عَارَضَ قِيَاسٌ عُمُومًا أَوْ خَبَرُ وَاحِدٍ عُمُومًا فَقَدْ ذَكَرْنَا مَا يَجِبُ تَقْدِيمُهُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَفْظًا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا نَظَرَ إلَى قِيَاسِ النُّصُوصِ، فَإِنْ تَعَارَضَ قِيَاسَانِ أَوْ خَبَرَانِ أَوْ عُمُومَانِ طَلَبَ التَّرْجِيحَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ، فَإِنْ تَسَاوَيَا عِنْدَهُ تَوَقَّفَ عَلَى رَأْيٍ وَتَخَيَّرَ عَلَى رَأْيٍ آخَرَ كَمَا سَبَقَ.

[الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَقِيقَةِ تَعَارُضِ الْأَدِلَّة وَمَحَلِّهِ]
الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَقِيقَةِ التَّعَارُضِ وَمَحَلِّهِ.
اعْلَمْ أَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَجْرِي بَيْنَ ظَنَّيْنِ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ تَتَفَاوَتُ فِي الْقُوَّةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي مَعْلُومَيْنِ إذْ لَيْسَ بَعْضُ الْعُلُومِ أَقْوَى وَأَغْلَبَ مِنْ بَعْضٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَجْلَى وَأَقْرَبَ حُصُولًا وَأَشَدَّ اسْتِغْنَاءً عَنْ التَّأَمُّلِ، بَلْ بَعْضُهَا يَسْتَغْنِي عَنْ أَصْلِ التَّأَمُّلِ وَهُوَ الْبَدِيهِيُّ وَبَعْضُهَا غَيْرُ بَدِيهِيٍّ يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ لَكِنَّهُ بَعْدَ الْحُصُولِ مُحَقَّقٌ يَقِينِيٌّ لَا يَتَفَاوَتُ فِي كَوْنِهِ مُحَقَّقًا فَلَا تَرْجِيحَ لِعِلْمٍ عَلَى عِلْمٍ؛ وَلِذَلِكَ قُلْنَا: إذَا تَعَارَضَ نَصَّانِ قَاطِعَانِ فَلَا سَبِيلَ إلَى التَّرْجِيحِ، بَلْ إنْ كَانَا مُتَوَاتِرَيْنِ حُكِمَ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا، وَإِنْ كَانَا مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ وَعَرَفْنَا التَّارِيخَ أَيْضًا حَكَمْنَا بِالْمُتَأَخِّرِ، وَإِنْ لَمْ نَعْرِفْ فَصِدْقُ الرَّاوِي مَظْنُونٌ فَنُقَدِّمُ الْأَقْوَى فِي نُفُوسِنَا.
وَكَمَا لَا يَجُوزُ التَّعَارُضُ وَالتَّرْجِيحُ بَيْنَ نَصَّيْنِ قَاطِعَيْنِ فَكَذَلِكَ فِي عِلَّتَيْنِ قَاطِعَتَيْنِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْصِبَ اللَّهُ عِلَّةً قَاطِعَةً لِلتَّحْرِيمِ فِي مَوْضِعٍ، وَعِلَّةً قَاطِعَةً لِلتَّحْلِيلِ فِي مَوْضِعٍ، وَتَدُورُ بَيْنَهُمَا مَسْأَلَةٌ تُوجَدُ فِيهَا الْعِلَّتَانِ، وَنَتَعَبَّدُ بِالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ قَاطِعٌ عَلَى التَّحْرِيمِ وَقَاطِعٌ عَلَى التَّحْلِيلِ فِي فَرْعٍ وَاحِدٍ فِي حَقِّ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُحَالٌ لَا كَالْعِلَلِ الْمَظْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الظُّنُونَ تَخْتَلِفُ بِالْإِضَافَاتِ فَلَا تَجْتَمِعُ فِي حَقِّ مُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ فَإِنْ تَقَاوَمَ ظَنَّانِ أَوْجَبْنَا التَّوَقُّفَ عَلَى رَأْيٍ كَمَا لَوْ تَعَارَضَ قَاطِعَانِ
وَمَنْ أَمَرَ بِالتَّخْيِيرِ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ نَصَّانِ قَاطِعَانِ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ وَتَأَخُّرٍ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ، فَكَذَلِكَ التَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالتَّعْلِيلِ تَصْرِيحٌ بِالنَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتُ لَا يَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَيَكُونَ مُتَنَاقِضًا. أَمَّا الدَّلِيلُ الَّذِي دَلَّ عَلَى تَعَبُّدِ الْمُجْتَهِدِ بِاتِّبَاعِ الظَّنِّ فَيَصْلُحُ لَأَنْ يَنْزِلَ عَلَى اتِّبَاعِ أَغْلَبِ الظَّنَّيْنِ وَعِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِاتِّبَاعِ الْمَصْلَحَةِ وَبِالتَّشْبِيهِ وَبِالِاسْتِصْحَابِ فَإِذَا تَعَارَضَا فَكَيْفَمَا فَعَلَ فَهُوَ مُسْتَصْحِبٌ وَمُشَبِّهٌ وَمُتَّبِعٌ لِلْمَصْلَحَةِ.
أَمَّا الْقَوَاطِعُ فَمُتَضَادَّةٌ وَمُتَنَاقِضَةٌ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ نَاسِخًا وَمَنْسُوخًا فَلَا تَقْبَلُ الْجَمْعَ، نَعَمْ لَوْ أُشْكِلَ التَّارِيخُ وَعَجَزْنَا عَنْ طَلَبِ دَلِيلٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُتَخَيَّرَ إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ مَعَ تَضَادِّهِمَا. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ عِلْمٌ وَظَنٌّ؟ قُلْنَا: لَا فَإِنَّ الظَّنَّ لَوْ خَالَفَ الْعِلْمَ فَهُوَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّ مَا عُلِمَ كَيْفَ يُظَنُّ خِلَافُهُ؟ وَظَنُّ خِلَافِهِ شَكٌّ، فَكَيْفَ يُشَكُّ فِيمَا يُعْلَمُ وَإِنْ وَافَقَهُ؟ فَإِنْ أَثَّرَ الظَّنُّ بِالْكُلِّيَّةِ بِالْعِلْمِ فَلَا يُؤَثِّرُ مَعَهُ.

[الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي دَلِيلِ وُجُوبِ التَّرْجِيحِ]
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ رَجَّحْتُمْ أَحَدَ الظَّنَّيْنِ وَكُلُّ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 375
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست