responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 370
وَأَمَّا أُولُو الْأَمْرِ فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِمْ الْوُلَاةَ إذْ أَوْجَبَ طَاعَتَهُمْ كَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ اتِّبَاعُ الْمُجْتَهِدِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِأُولِي الْأَمْرِ الْوُلَاةَ فَالطَّاعَةُ عَلَى الرَّعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ هُمْ الْعُلَمَاءُ فَالطَّاعَةُ عَلَى الْعَوَامّ وَلَا نَفْهَمُ غَيْرَ ذَلِكَ.
ثُمَّ نَقُولُ: يُعَارِضُ هَذِهِ الْعُمُومَاتِ عُمُومَاتٌ أَقْوَى مِنْهَا يُمْكِنُ التَّمَسُّكُ بِهَا ابْتِدَاءً فِي الْمَسْأَلَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] وقَوْله تَعَالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] وَقَوْلِهِ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] وَقَوْلِهِ {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] وَقَوْلِهِ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] فَهَذَا كُلُّهُ أَمْرٌ بِالتَّدَبُّرِ وَالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاعْتِبَارِ، وَلِيس خِطَابًا مَعَ الْعَوَامّ، فَلَمْ يَبْقَ مُخَاطَبٌ إلَّا الْعُلَمَاءُ وَالْمُقَلِّدُ تَارِكٌ لِلتَّدَبُّرِ وَالِاعْتِبَارِ وَالِاسْتِنْبَاطِ.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {واتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: 55] وَ {ولَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3] وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَى الْكِتَابِ فَقَطْ لَكِنْ دَلَّ الْكِتَابُ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالسُّنَّةُ عَلَى الْإِجْمَاعِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى الْقِيَاسِ وَصَارَ جَمِيعُ ذَلِكَ مُنَزَّلًا فَهُوَ الْمُتَّبَعُ دُونَ أَقْوَالِ الْعِبَادِ. فَهَذِهِ ظَوَاهِرُ قَوِيَّةٌ وَالْمَسْأَلَةُ ظَنِّيَّةٌ يَقْوَى فِيهَا التَّمَسُّكُ بِأَمْثَالِهَا، وَيُعْتَضَدُ ذَلِكَ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ تَشَاوَرُوا فِي مِيرَاثِ الْجَدِّ وَالْعَوْلِ وَالْمُفَوِّضَةِ وَمَسَائِلَ كَثِيرَةٍ وَحَكَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِظَنِّ نَفْسِهِ وَلَمْ يُقَلِّدْ غَيْرَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يُنْقَلْ عَنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُمْ أَهْلُ الشُّورَى نَظَرٌ فِي الْأَحْكَامِ مَعَ ظُهُورِ الْخِلَافِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ أَخَذُوا بِقَوْلِ غَيْرِهِمْ.
قُلْنَا: كَانُوا لَا يُفْتُونَ اكْتِفَاءً بِمَنْ عَدَاهُمْ فِي الْفَتْوَى، أَمَّا عَمَلُهُمْ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَكُنْ إلَّا بِمَا سَمِعُوهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْكِتَابِ وَعَرَفُوهُ، فَإِنْ وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ لَمْ يَعْرِفُوا دَلِيلَهَا شَاوَرُوا غَيْرَهُمْ لِتَعَرُّفِ الدَّلِيلِ لَا لِلتَّقْلِيدِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي تَقْلِيدِ الْأَعْلَمِ؟ قُلْنَا: الْوَاجِبُ أَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا وَافَقَ الْأَعْلَمَ فَذَاكَ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ خِلَافُهُ فَمَا يَنْفَعُ كَوْنُهُ أَعْلَمَ وَقَدْ صَارَ رَأْيُهُ مُزَيَّفًا عِنْدَهُ، وَالْخَطَأُ جَائِزٌ عَلَى الْأَعْلَمِ وَظَنُّهُ أَقْوَى فِي نَفْسِهِ مِنْ ظَنِّ غَيْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِظَنِّ نَفْسِهِ وِفَاقًا وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَقْلِيدُهُ؛ لِكَوْنِهِ أَعْلَمَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ تَقْلِيدُهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى تَسْوِيغِ الْخِلَافِ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَحْدَاثِ الصَّحَابَةِ لِأَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَلِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ مَا يَخُصُّهُ وَبَيْنَ مَا يُفْتِي بِهِ؟ قُلْنَا: يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ لِلْمُسْتَفْتِي مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ لَكِنْ لَا يُفْتِي مَنْ يَسْتَفْتِيهِ بِتَقْلِيدِ غَيْرِهِ، إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ الْفَتْوَى لِلْعَوَامِّ
وَأَمَّا مَا يَخُصُّهُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَكَانَ فِي الْبَحْثِ تَفْوِيتٌ فَهَذَا هَلْ يُلْحِقُهُ بِالْعَاجِزِ فِي جَوَازِ التَّقْلِيدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ فِقْهِيٌّ ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعُدُولِ إلَى التَّيَمُّمِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَتَنَاوُبِ جَمَاعَةٍ عَلَى بِئْرِ مَاءٍ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُحْتَمَلَةٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْفَنُّ الثَّانِي فِي التَّقْلِيدِ وَالِاسْتِفْتَاءِ وَحُكْمِ الْعَوَامّ فِيهِ]
[مَسْأَلَةٌ التَّقْلِيدُ هُوَ قَبُولُ قَوْلٍ بِلَا حُجَّة]
الْفَنُّ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْقُطْبِ فِي التَّقْلِيدِ وَالِاسْتِفْتَاءِ وَحُكْمِ الْعَوَامّ فِيهِ وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةٌ: التَّقْلِيدُ هُوَ قَبُولُ قَوْلٍ بِلَا حُجَّةٍ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ طَرِيقًا إلَى الْعِلْمِ لَا فِي الْأُصُولِ وَلَا

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست