responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 366
الْأَرْبَعَةَ عَنْ الدَّيْنِ الْوَاجِبِ
فَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الصَّدَقَةَ وَأَتَى بِدِرْهَمَيْنِ وَإِنْ شَاءَ أَتَى بِالْأَرْبَعَةِ عَنْ الْوَاجِبِ وَلَا يَتَنَاقَضُ، فَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا إذَا اقْتَضَى اسْتِصْحَابُ شَغْلِ الذِّمَّةِ إيجَابَ عِتْقٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا غَائِبًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهُ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ اسْتِصْحَابَ الْحَيَاةِ وَيَعْمَلَ بِمُوجِبِهِ، فَمَنْ لَمْ يَخْطُرْ لَهُ الدَّلِيلُ الْمُعَارِضُ أَوْ خَطَرَ لَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الْعَمَلَ وَتَرْكَ الْوَاجِبِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ إذَا سَمِعَ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] حُرِّمَ عَلَيْهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَمْلُوكَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ إذَا قَصَدَ الْعَمَلَ بِمُوجِبِ الدَّلِيلِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] كَمَا قَالَ عُثْمَانُ: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ. وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَمَّنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ فَوَافَقَ يَوْمَ الْعِيدِ فَقَالَ: أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا " مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ تَرْجِيحٌ فَيَحْرُمُ صَوْمُ الْعِيدِ بِالنَّهْيِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدَ الْعَمَلَ بِمُوجِبِ الدَّلِيلِ الثَّانِي وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْوَفَاءِ وَكَانَ ذَلِكَ جَوَازًا بِشَرْطٍ فَلَا يَتَنَاقَضُ الْوَاجِبُ، وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَالْمُحَرِّمُ فَيَتَوَلَّدُ مِنْهُ التَّخْيِيرُ الْمُطْلَقُ كَالْوَلِيِّ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ اللَّبَنِ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَ أَحَدِ رَضِيعَيْهِ وَلَوْ قَسَمَ عَلَيْهِمَا أَوْ مَنَعَهُمَا لَمَاتَا وَلَوْ أَطْعَمَ أَحَدَهُمَا مَاتَ الْآخَرُ فَإِذَا أَشَرْنَا إلَى رَضِيعٍ مُعَيَّنٍ كَانَ إطْعَامُهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءَهُ وَحَرَامًا؛ لِأَنَّ فِيهِ هَلَاكَ غَيْرِهِ، فَنَقُولُ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُطْعِمَ هَذَا فَيَهْلِكَ ذَاكَ أَوْ ذَاكَ فَيَهْلِكَ هَذَا، فَلَا سَبِيلَ إلَّا التَّخْيِيرُ، فَإِذًا مَهْمَا تَعَارَضَ دَلِيلَانِ فِي وَاجِبَيْنِ كَالشَّاةِ وَالْبَدَنَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ التَّحْلِيلَيْنِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا
وَإِنْ تَعَارَضَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ وَدَلِيلُ الْإِبَاحَةِ تَخَيَّرَ بِشَرْطِ قَصْدِ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الدَّلِيلِ الْمُبِيحِ كَمَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَ تَرْكِ الرَّكْعَتَيْنِ قَصْدًا وَبَيْنَ إتْمَامِهِمَا لَكِنْ بِشَرْطِ قَصْدِ التَّرَخُّصِ، وَإِنْ تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَالْمُحَرِّمُ حَصَلَ التَّخْيِيرُ الْمُطْلَقُ أَيْضًا. هَذَا طَرِيقُ نُصْرَةِ اخْتِيَارِ الْقَاضِي فِي التَّخْيِيرِ. فَإِنْ قِيلَ: تَعَارُضُ دَلِيلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ مُحَالٌ، وَإِنَّمَا يَخْفَى التَّرْجِيحُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ. قُلْنَا: وَبِمَ عَرَفْتُمْ اسْتِحَالَةَ ذَلِكَ؟ فَكَمَا تَعَارَضَ مُوجِبُ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ فَلَمْ يَسْتَحِلْ أَنْ يَتَعَارَضَ اسْتِصْحَابَانِ وَشَبَهَانِ وَمَصْلَحَتَانِ وَيَنْتَفِي التَّرْجِيحُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ؟ قُلْنَا: هُوَ التَّخْيِيرُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالتَّرَدُّدُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، كَتَرَدُّدِهِ فِي أَنَّ الْبَسْمَلَةَ هَلْ هِيَ آيَةٌ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ لَيْسَ بِإِضَافِيٍّ فَيَكُونَ الْحَقُّ فِيهِ وَاحِدًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَذْهَبُ التَّخْيِيرِ يُفْضِي إلَى مُحَالٍ، وَهُوَ أَنْ يُخَيِّرَ الْحَاكِمُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ اسْتِغْرَاقِ الْجَدِّ لِلْمِيرَاثِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ الْخِيَرَةُ، وَكَذَلِكَ يُخَيِّرُ الْمُفْتِي الْعَامِّيَّ، وَكَذَلِكَ يَحْكُمُ لِزَيْدٍ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَلِعَمْرٍو بِنَقِيضِهِ وَيَوْمَ السَّبْتِ بِاسْتِغْرَاقِ الْجَدِّ لِلْمِيرَاثِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ بِالْمُقَاسَمَةِ بَلْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ وَتُسْتَرَدُّ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِالرَّأْيِ الْآخَرِ.
قُلْنَا: لَا تَخْيِيرَ لِلْمُتَخَاصَمَيْنِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ مَنْصُوبٌ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَفْصِلَ الْخُصُومَةَ بِأَيِّ رَأْيٍ أَرَادَ، كَمَا لَوْ تَنَازَعَ السَّاعِي وَالْمَالِكُ فِي بَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَفِي الشَّاةِ وَالدَّرَاهِمِ فِي الْجُبْرَانِ فَالْحَاكِمُ يَحْكُمُ بِمَا أَرَادَ أَمَّا الرُّجُوعُ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِمَصْلَحَةِ الْحُكْمِ أَيْضًا فَإِنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ عِنْدَكُمْ تُغَيَّرُ فَتْوَاهُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ لِلْمَصْلَحَةِ، أَمَّا قَضَاؤُهُ يَوْمَ الْأَحَدِ بِخِلَافِ قَضَائِهِ يَوْمَ السَّبْتِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 366
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست