responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 357
الِاجْتِهَادِ بَاطِلٌ لِأَدَائِهِ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ التَّنَاقُضِ.
وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَنُقَابِلُهُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَيْضًا بِمَا لَا يَجِدُ عَنْهُ مَحِيصًا فَنَقُولُ: إنْ أَنْكَرْتَ الظُّنُونَ لَمْ تُنْكِرْ الْقَوَاطِعَ، وَسَعْيُ الْإِنْسَانِ فِي هَلَاكِ نَفْسِهِ أَوْ إهْلَاكِ غَيْرِهِ حَرَامٌ بِالْقَوَاطِعِ، فَلَوْ اُضْطُرَّ شَخْصَانِ إلَى قَدْرٍ مِنْ الْمَيْتَةِ لَا يَفِي إلَّا بِسَدِّ رَمَقِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَسَمَاهُ أَوْ تَرَكَاهُ مَاتَا وَلَوْ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا هَلَكَ الْآخَرُ وَلَوْ وَكَّلَهُ إلَيْهِ أَهْلَكَ نَفْسَهُ، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟ وَكَيْفَمَا قَالَ فَهُوَ مُنَاقِضٌ وَلَا مُخَلِّصَ، فَإِنْ أَوْجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ فَقَدْ أَوْجَبَ الْأَخْذَ عَلَى هَذَا وَأَوْجَبَ الدَّفْعَ عَنْ ذَاكَ
فَإِنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِمَا التَّرْكَ فَقَدْ أَوْجَبَ إهْلَاكَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ خَصَّ أَحَدَهُمَا بِالْأَخْذِ فَهُوَ تَحَكُّمٌ، وَإِنْ قَالَ: يَتَخَيَّرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَقَدْ سُلِّطَ هَذَا عَلَى الْأَخْذِ وَذَاكَ عَلَى الدَّفْعِ، فَإِنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ اخْتَارَ الْأَخْذَ وَاخْتَارَ الْآخَرُ الدَّفْعَ جَازَ، وَهُوَ أَيْضًا مُتَنَاقِضٌ بِزَعْمِهِمْ، فَمَاذَا يَقُولُونَ؟ وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ التَّخْيِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الْأَخْذُ إذَا لَمْ يُهْلِكْ غَيْرَهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ التَّرْكُ وَالْإِيثَارُ إذَا لَمْ يُهْلِكْ نَفْسَهُ، فَإِذَا تَعَارَضَا تَخَيَّرَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا كَبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إذَا نَشِبَ الْخِصَامُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، أَحَدَهُمَا: أَنْ يَقُولَ: يَلْزَمُهُمَا الرَّفْعُ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ فَإِنْ قَضَى بِثُبُوتِ الرَّجْعَةِ لَزِمَ تَقْدِيمُ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عَلَى اجْتِهَادِهِمَا أَنْفُسِهِمَا وَحَلَّ لَهُمَا مُخَالَفَةُ اجْتِهَادِ أَنْفُسِهِمَا، إذْ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ أَوْلَى مِنْ اجْتِهَادِهِمَا لِضَرُورَةِ رَفْعِ الْخُصُومَاتِ، فَإِنْ عَجَزَا عَنْ حَاكِمٍ فَعَلَيْهِمَا تَحْكِيمُ عَالِمٍ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا أَثِمَا وَعَصَيَا وَكُلُّ ذَلِكَ احْتِمَالَاتٌ فِقْهِيَّةٌ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُتْرَكَا مُتَنَازِعَيْنِ وَلَا يُبَالِي بِتَمَانُعِهِمَا، فَإِنَّهُ تَكْلِيفٌ بِنَقِيضَيْنِ فِي حَقِّ شَخْصَيْنِ فَلَا يَتَنَاقَضُ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ أَنْ تَنْكِحَ بِوَلِيٍّ مَنْ نَكَحَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، فَنَقُولُ: إنَّ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ صَدَرَ مِنْ حَنَفِيٍّ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ، وَالنِّكَاحُ الثَّانِي بَعْدَهُ بَاطِلٌ قَطْعِيًّا لِأَنَّهَا صَارَتْ زَوْجَةً لِلْأَوَّلِ.
وَإِنْ كَانَ الْحَنَفِيُّ عَقَدَهُ بِاجْتِهَادِ نَفْسِهِ وَاتَّصَلَ بِهِ قَضَاءُ حَنَفِيٍّ فَذَلِكَ أَوْكَدُ، فَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا فَقَدْ صَحَّ أَيْضًا فِي حَقِّهِ، وَإِنْ صَدَرَ الْعَقْدُ مِنْ شَفْعَوِيٍّ عَلَى خِلَافِ مُعْتَقِدِهِ احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ أَحَدَهُمَا: أَنْ نَقْطَعَ بِبُطْلَانِهِ فَإِنَّا إنَّمَا نَجْعَلُهُ حَقًّا إذْ صَدَرَ مِنْ مُعْتَقِدِهِ عَنْ تَقْلِيدٍ أَوْ اجْتِهَادٍ حَيْثُ لَا يَأْثَمُ وَلَا يَعْصِي وَهَذَا قَدْ عَصَى فَهُوَ مُخْطِئٌ، وَيَتَحَمَّلُ أَنْ يُقَالَ: مَا لَمْ يُطَلِّقْ أَوْلَمَ يَقْضِ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِهِ فَلَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِصَدَدِ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ حَنَفِيٌّ فَيَنْحَسِمَ سَبِيلُ نَقْضِهِ فَلَا يُعْقَدُ نِكَاحٌ آخَرُ قَبْلَ نَقْضِهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْحَنَفِيَّ لَوْ قَضَى لِشَفْعَوِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجَارِ أَوْ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ فَهَلْ يُؤَثِّرُ قَضَاؤُهُ فِي الْإِحْلَالِ بَاطِنًا؟ فَغَلَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَجَعَلَ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يُغَيِّرُ الْحُكْمَ بَاطِنًا فِيمَا لِلْقَاضِي فِيهِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ وَالْعَقْدِ، وَغَلَا قَوْمٌ فَقَالُوا: لَا يُحِلُّ الْقَضَاءُ شَيْئًا بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَضَاؤُهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ، وَقَالَ قَوْمٌ يُؤَثِّرُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيُغَيِّرُ الْحُكْمَ بَاطِنًا، وَلَا يُؤَثِّرُ حَيْثُ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ فِقْهِيَّةٌ لَا يَسْتَحِيلُ شَيْءٌ مِنْهَا، فَنَخْتَارُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ فَلَا يَتَنَاقَضُ، وَلَا يَلْزَمُنَا فِي الْأُصُولِ تَصْحِيحُ وَاحِد مِنْ هَذِهِ الِاخْتِيَارَاتِ الْفِقْهِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا ظَنِّيَّاتٌ مُحْتَمَلَةٌ كُلُّ مُجْتَهِدٍ أَيْضًا فِيهَا مُصِيبٌ.
الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ تَمَسُّكُهُمْ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ لَجَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست