responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 331
الْحَاجَةُ إلَى اللِّقَاءِ عِلَّةً بَاعِثَةً عَلَى الْخُرُوجِ سَابِقَةً عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْمُتَأَخِّرُ نَفْسُ اللِّقَاءِ، فَكَذَلِكَ الْحَاجَةُ إلَى عِصْمَةِ الدِّمَاءِ هِيَ الْبَاعِثَةُ لِلشَّرْعِ عَلَى جَعْلِ الْقَتْلِ سَبَبًا لِلْقِصَاصِ، وَالشَّرِيكُ فِي هَذَا الْمَعْنَى يُسَاوِي الْمُنْفَرِدَ وَالْمُثْقَلُ يُسَاوِي الْجَارِحَ فَأُلْحِقَ بِهِ قِيَاسًا.

مَسْأَلَةٌ نُقِلَ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَجْرِي فِي الْكَفَّارَاتِ وَالْحُدُودِ وَمَا قَدَّمْنَاهُ يُبَيِّنُ فَسَادَ هَذَا الْكَلَامِ، فَإِنَّ إلْحَاقَ الْأَكْلِ بِالْجِمَاعِ قِيَاسٌ وَإِلْحَاقَ النَّبَّاشِ بِالسَّارِقِ قِيَاسٌ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ تَنْقِيحٌ لِمَنَاطِ الْحُكْمِ لَا اسْتِنْبَاطٌ لِلْمَنَاطِ، فَمَا ذَكَرُوهُ حَقٌّ، وَالْإِنْصَافُ يَقْتَضِي مُسَاعَدَتَهُمْ إذَا فَسَّرُوا كَلَامَهُمْ بِهَذَا. فَيَجِبُ الِاعْتِرَافُ بِأَنَّ الْجَارِيَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالْحُدُودِ بَلْ وَفِي سَائِرِ أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ، الْمَنْهَجُ الْأَوَّلُ فِي الْإِلْحَاقِ دُونَ الْمَنْهَجِ الثَّانِي، وَأَنَّ الْمَنْهَجَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ إلَى تَنْقِيحِ مَنَاطِ الْحُكْمِ، وَهُوَ الْمَنْهَجُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّا إذَا أَلْحَقْنَا الْمَجْنُونَ بِالصَّبِيِّ بَانَ لَنَا أَنَّ الصِّبَا لَمْ يَكُنْ مَنَاطَ الْوِلَايَةِ بَلْ أَمْرٌ أَعَمُّ مِنْهُ، وَهُوَ فَقْدُ عَقْلِ التَّدْبِيرِ
وَإِذَا أَلْحَقْنَا الْجُوعَ بِالْغَضَبِ بَانَ لَنَا أَنَّ الْغَضَبَ لَمْ يَكُنْ مَنَاطًا بَلْ أَمْرٌ أَعَمُّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا يُدْهِشُ الْعَقْلَ عَنْ النَّظَرِ، وَعِنْد هَذَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ لَلْمُنْصِفِ بَيْنَ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ وَتَعْلِيلِ السَّبَبِ، فَإِنَّ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ عَنْ مَحَلِّهِ وَتَقْرِيرِهِ فِي مَحَلِّهِ؛ فَإِنَّا نَقُولُ: حَرَّمَ الشَّرْعُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَالْخَمْرُ مَحَلُّ الْحُكْمِ وَنَحْنُ نَطْلُبُ مَنَاطَ الْحُكْمِ وَعِلَّتَهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَتْ لَنَا الشِّدَّةُ عَدَّيْنَاهَا إلَى النَّبِيذِ فَضَمَّنَّا النَّبِيذَ إلَى الْخَمْرِ فِي التَّحْرِيمِ وَلَمْ نُغَيِّرْ مِنْ أَمْرِ الْخَمْرِ شَيْئًا، أَمَّا هَهُنَا إذَا قُلْنَا عَلَّقَ الشَّرْعُ الرَّجْمَ بِالزِّنَا لِعِلَّةِ كَذَا فَيُلْحَقُ بِهِ غَيْرُ الزِّنَا يُنَاقِضُ آخِرُ الْكَلَامِ أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّ الزِّنَا إنْ كَانَ مَنَاطًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ زِنًا
فَإِذَا أَلْحَقْنَا بِهِ مَا لَيْسَ بِزِنًا فَقَدْ أَخْرَجْنَا الزِّنَا عَنْ كَوْنِهِ مَنَاطًا، فَكَيْفَ يُعَلَّلُ كَوْنُهُ مَنَاطًا بِمَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَنَاطًا؟ وَالتَّعْلِيلُ تَقْرِيرٌ لَا تَغْيِيرٌ، وَمِنْ ضَرُورَةِ تَعْلِيلِ الْأَسْبَابِ تَغْيِيرُهَا، فَإِنَّك إذَا اعْتَرَفْتَ بِكَوْنِهِ سَبَبًا ثُمَّ أَثْبَت ذَلِكَ الْحُكْمَ بِعَيْنِهِ عِنْدَ فَقْدِ ذَلِكَ السَّبَبِ فَقَدْ نَقَضْتَ قَوْلَكَ الْأَوَّلَ أَنَّهُ سَبَبٌ، فَإِنَّا إذَا أَلْحَقْنَا الْأَكْلَ بِالْجِمَاعِ بَانَ لَنَا بِالْآخِرَةِ أَنَّ الْجِمَاعَ لَمْ يَكُنْ هُوَ السَّبَبُ بَلْ مَعْنًى أَعَمُّ مِنْهُ وَهُوَ الْإِفْطَارُ
وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ هَذَا تَعْلِيلًا لَوْ بَقِيَ الْجِمَاعُ مَنَاطًا وَانْضَمَّ إلَيْهِ مَنَاطٌ آخَرُ يُشَارِكُهُ فِي الْعِلَّةِ كَمَا بَقِيَ الْخَمْرُ مَحَلًّا لِلتَّحْرِيمِ وَانْضَمَّ إلَيْهِ مَحَلٌّ آخَرُ وَهُوَ النَّبِيذُ، فَلَمْ يَخْرُجْ الْمَحَلُّ الَّذِي طَلَبْنَا عِلَّةَ حُكْمِهِ عَنْ كَوْنِهِ مَحَلًّا لَكِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ مَحَلٌّ آخَرُ وَهُوَ النَّبِيذُ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ الْجِمَاعُ عَنْ كَوْنِهِ مَنَاطًا وَيَنْضَمَّ إلَيْهِ مَنَاطٌ آخَرُ وَهُوَ الْأَكْلُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ بَلْ إلْحَاقُ الْأَكْلِ يُخْرِجُ وَصْفَ الْجِمَاعِ عَنْ كَوْنِهِ مَنَاطًا وَيُوجِبُ حَذْفَهُ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ وَيُوجِبُ إضَافَةَ الْحُكْمِ إلَى مَعْنًى آخَرَ حَتَّى يَصِيرَ وَصْفُ الْجِمَاعِ حَشْوًا زَائِدًا
وَكَذَلِكَ يَصِيرُ وَصْفُ الزِّنَا حَشْوًا زَائِدًا وَيَعُودُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ مَنَاطَ الرَّجْمِ وَصْفٌ زَائِدٌ؛ لِأَنَّ مَنَاطَ الرَّجْمِ أَمْرٌ أَعَمُّ مِنْ الزِّنَا وَهُوَ إيلَاجُ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ حَرَامٍ.
فَإِذًا مَهْمَا فُسِّرَ مَذْهَبُهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اقْتَضَى الْإِنْصَافَ وَالْمُسَاعَدَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[الرُّكْنُ الرَّابِعُ لِلْقِيَاسِ]
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْعِلَّةُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ حُكْمًا كَقَوْلِنَا: بَطَلَ بَيْعُ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ حُرِّمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ نَجِسٌ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ إنَّ الْحُكْمَ أَيْضًا يَحْتَاجُ إلَى عِلَّةٍ فَلَا يُعَلَّلُ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا مَحْسُوسًا عَارِضًا كَالشِّدَّةِ أَوْ لَازِمًا كَالطَّعْمِ وَالنَّقْدِيَّةِ وَالصِّغَرِ أَوْ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ كَالْقَتْلِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست