responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 322
الْحُكْمِ عَلَى الْمَحَلِّ وَكَانَ الْمَحَلُّ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ مُعَرَّفًا بِوَصْفٍ مَضْبُوطٍ فَأَيُّ حَاجَةٍ إلَى طَلَبِ ضَابِطٍ آخَرَ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ؟ فَكَانَ تَمَامُ النَّظَرِ فِي الشَّبَهِ بِأَنْ يُقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ عَلَامَةٍ وَلَا عَلَامَةَ أَوْلَى مِنْ هَذَا فَإِذًا هُوَ الْعَلَامَةُ، كَمَا تَقُولُ: الرِّبَا جَارٍ فِي الدَّقِيقِ وَالْعَجِينِ فَلَمْ يَنْضَبِطْ بِاسْمِ الْبُرِّ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطٍ وَلَا ضَابِطَ أَوْلَى مِنْ الطَّعْمِ، وَالضَّرْبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَرَدَ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ وَفَارَقَ الْمَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطٍ وَلَا ضَابِطَ إلَّا أَنَّهُ بَدَلُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ، وَهَذَا يَجْرِي فِي الْقَلِيلِ.
وَالتَّطَوُّعُ يَسْتَغْنِي عَنْ التَّبْيِيتِ، وَالْقَضَاءُ لَا يَسْتَغْنِي، وَالْأَدَاءُ دَائِرٌ بَيْنَهُمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ فَاصِلٍ لِلْقِسْمَيْنِ وَالْفَرْضِيَّةُ أَوْلَى الْفَوَاصِلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُنَاسِبِ، فَإِنَّهُ يَجْذِبُ الظَّنَّ وَيُحَرِّكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى طَلَبِ الْعِلَّةِ ضَرُورَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ حَتَّى جَازَ أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ مِنْ عَلَامَةٍ وَتَمَّ السَّبْرُ حَتَّى لَمْ تَظْهَرْ عَلَامَةٌ إلَّا الطَّرْدُ الْمَحْضُ الَّذِي لَا يُوهِمُ جَازَ الْقِيَاسُ بِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ خَاصِّيَّةٌ تَنْفِي الشَّبَهَ وَإِيهَامَ الِاشْتِمَالِ عَلَى مُخَيَّلٍ.
قُلْنَا: لِهَذَا السُّؤَالِ قَالَ قَائِلُونَ: لَا تُشْتَرَطُ هَذِهِ الضَّرُورَةُ فِي الشَّبَهِ كَمَا فِي الْمُنَاسِبِ، فَإِنْ شَرَطْنَاهُ فَيَكَادُ لَا يَبْقَى بَيْنَ الشَّبَهِ وَالطَّرْدِ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ فَرْقٌ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْإِضَافَةُ إلَى الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، فَإِنْ جَعَلْنَا الطَّرْدَ عِبَارَةً عَمَّا بَعُدَ عَنْ ذَاتِ الشَّيْءِ كَبِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ فَيَقْضِي بَادِي الرَّأْي بِبُطْلَانِهِ؛ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ سِوَاهُ عَلَى الْبَدِيهَةِ صِفَاتٌ هِيَ أَحْرَى بِتَضَمُّنِ حُكْمِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ فَيَكُونُ فَسَادُهُ لِظُهُورِ مَا هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ لَا لِذَاتِهِ.
وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَمَهْمَا ظَهَرَ الْأَقْرَبُ وَالْأَخَصُّ امَّحَقَ الظَّنُّ الْحَاصِلُ بِالْأَبْعَدِ، وَقَدْ يَكُونُ ظُهُورُ الْأَقْرَبِ بَدِيهِيًّا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ فَيَصِيرُ بُطْلَانُ الْأَبْعَدِ بَدِيهِيًّا فَيُظَنُّ أَنَّهُ لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِانْمِحَاقِ الظَّنِّ بِهِ مِنْ حَيْثُ وُجِدَ مَا هُوَ أَقْرَبُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ضَبْطَ هَذَا الْجِنْسِ بِالضَّوَابِطِ الْكُلِّيَّةِ عَسِيرٌ بَلْ لِلْمُجْتَهِدِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ ذَوْقٌ يَخْتَصُّ بِهَا فَلْنُفَوِّضْ ذَلِكَ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ، وَإِنَّمَا الْقَدْرُ الَّذِي قَطَعْنَا بِهِ فِي إبْطَالِ الطَّرْدِ أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ الْحُكْمِ مَعَ الْوَصْفِ لَا يُحَرِّكُ الظَّنَّ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مَا لَمْ يُسْتَمَدَّ مِنْ شَمَّةِ إخَالَةٍ أَوْ مُنَاسَبَةٍ أَوْ إيهَامِ مُنَاسَبَةٍ أَوْ سَبْرٍ وَحَصْرٍ مَعَ ضَرُورَةِ طَلَبِ مَنَاطٍ، وَقَدْ يَنْطَوِي الذِّهْنُ عَلَى مَعْنَى تِلْكَ الضَّرُورَةِ وَالسَّبْرُ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ صَاحِبُهُ بِشُعُورِ نَفْسِهِ بِهِ، فَإِنَّ الشُّعُورَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ الشُّعُورِ بِالشُّعُورِ، فَلَوْ قُدِّرَ تَجَرُّدُهُ عَنْ هَذَا الشُّعُورِ لَمْ يُحَرِّكْ ظَنَّ عَاقِلٍ أَصْلًا.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِنْ الشَّبَهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَلَيْسَ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ]
ُ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْأَوَّلُ: مَا عُرِفَ مِنْهُ مَنَاطُ الْحُكْمِ قَطْعًا وَافْتَقَرَ إلَى تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ، مِثَالُهُ طَلَبُ الشَّبَهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ الشَّبَهَ؛ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ} [المائدة: 95] فَعُلِمَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ هُوَ الْمِثْلُ، وَلَيْسَ فِي النَّعَمِ مَا يُمَاثِلُ الصَّيْدَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأَشْبَهُ الْأَمْثَلُ فَوَجَبَ طَلَبُهُ كَمَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَكِفَايَةَ الْمِثْلِ فِي الْأَقَارِبِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمُقَايَسَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نِسَاءِ الْعَشِيرَةِ وَبَيْنَ شَخْصِ الْقَرِيبِ الْمَكْفِيِّ فِي السِّنِّ وَالْحَالِ وَالشَّخْصِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَشْخَاصِ لِتُعْرَفَ الْكِفَايَةُ، فَذَلِكَ مَقْطُوعٌ بِهِ فَكَيْفَ يُمَثَّلُ بِهِ الشَّبَهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي يَصْعُبُ الدَّلِيلُ عَلَى إثْبَاتِهِ؟

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 322
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست