responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 308
طَرِيقُهُ

[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ إثْبَاتُ الْعِلَّةِ بِأَدِلَّةٍ نَقْلِيَّةٍ]
ٍ وَجُمْلَةُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ تَرْجِعُ إلَى أَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاسْتِنْبَاطِ فَنَحْصُرُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ إثْبَاتُ الْعِلَّةِ بِأَدِلَّةٍ نَقْلِيَّةٍ:
وَذَلِكَ إنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ صَرِيحِ النُّطْقِ أَوْ مِنْ الْإِيمَاءِ أَوْ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى الْأَسْبَابِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ:
الضَّرْبُ الْأَوَّلُ: الصَّرِيحُ وَذَلِكَ أَنْ يَرِدَ فِيهِ لَفْظُ التَّعْلِيلِ كَقَوْلِهِ: " لِكَذَا أَوْ لِعِلَّةِ كَذَا أَوْ لِأَجْلِ كَذَا أَوْ لِكَيْ لَا يَكُونَ كَذَا وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيلِ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] وَ {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ} [المائدة: 32] وَ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: 13] وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ لِأَجْلِ الْبَصَرِ» وَ «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ لِأَجْلِ الدَّافَّةِ» فَهَذِهِ صِيَغُ التَّعْلِيلِ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَا قَصَدَ التَّعْلِيلَ فَيَكُونُ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ: لِمَ فَعَلْتَ؟ لِأَنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَفْعَلَ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً فَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ قَالَ الْقَاضِي: قَوْله تَعَالَى: {أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] مِنْ هَذَا الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَامُ التَّعْلِيلِ، وَالدُّلُوكُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً فَمَعْنَاهُ " صَلِّ عِنْدَهُ " فَهُوَ لِلتَّوْقِيتِ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ إذْ الزَّوَالُ وَالْغُرُوبُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْصِبَهُ الشَّرْعُ عَلَامَةً لِلْوُجُوبِ، وَلَا مَعْنَى لِعِلَّةِ الشَّرْعِ إلَّا الْعَلَامَةُ الْمَنْصُوبَةُ، وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ: الْأَوْقَاتُ أَسْبَابٌ؛ وَلِذَلِكَ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ بِتَكَرُّرِهَا وَلَا يَبْعُدُ تَسْمِيَةُ السَّبَبِ عِلَّةً.
الضَّرْبُ الثَّانِي: التَّنْبِيهُ وَالْإِيمَاءُ عَلَى الْعِلَّةِ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْهِرَّةِ: «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوْ الطَّوَّافَاتِ» فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّهَا أَوْ لِأَجْلِ أَنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ لَكِنْ أَوْمَأَ إلَى التَّعْلِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً لَمْ يَكُنْ ذِكْرُ وَصْفِ الطَّوَافِ مُفِيدًا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: إنَّهَا سَوْدَاءُ أَوْ بَيْضَاءُ لَمْ يَكُنْ مَنْظُومًا إذَا لَمْ يَرِدْ التَّعْلِيلُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «فَإِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَ «إنَّهُمْ يُحْشَرُونَ وَأَوْدَاجُهُمْ تَشْخَبُ دَمًا» وَقَوْلُهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 91] فَإِنَّهُ بَيَانٌ لِتَعْلِيلِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ حَتَّى يَطَّرِدَ فِي كُلِّ مُسْكِرٍ
وَكَذَلِكَ ذِكْرُ الصِّفَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] فَهُوَ تَعْلِيلٌ حَتَّى يُفْهَمَ مِنْهُ تَحْرِيمُ الْإِتْيَانِ فِي غَيْرِ الْمَأْتَى؛ لِأَنَّ الْأَذَى فِيهِ دَائِمٌ وَلَا يَجْرِي فِي الْمُسْتَحَاضَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِضٌ، وَلَيْسَ بِطَبِيعِيٍّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ» فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيلًا لِاسْتِعْمَالِهِ لَمَا كَانَ الْكَلَامُ وَاقِعًا فِي مَحَلِّهِ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَاءً نَبَذَ فِيهِ تُمَيْرَاتٍ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ الزَّبِيبُ وَغَيْرُهُ
وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمَرَقَةُ وَالْعَصِيدَةُ وَمَا انْقَلَبَ شَيْئًا آخَرَ بِالطَّبْخِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: فَلَا إذًا» فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْعِلَّةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِذِكْرِ هَذَا الْوَصْفِ لَوْلَا التَّعْلِيلُ بِهِ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ " إذًا " فَإِنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ.
الثَّالِثُ: " الْفَاءُ " فِي قَوْلِهِ " فَلَا إذًا " فَإِنَّهُ لِلتَّعْقِيبِ وَالتَّسْبِيبِ
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُجِيبَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ بِذِكْرِ نَظِيرِهَا كَقَوْلِهِ: «أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ؟» «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ؟» فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلتَّعْلِيلِ لَمَا كَانَ التَّعَرُّض لِغَيْرِ مَحَلِّ السُّؤَالِ مُنْتَظِمًا، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَفْصِلَ الشَّارِعُ بَيْن قِسْمَيْنِ بِوَصْفٍ وَيَخُصُّهُ بِالْحُكْمِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ فِي الظَّاهِرِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 308
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست