responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 302
إرَادَتهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُبِيحَ مِثْلَهُ وَأَنْ يُحَرِّمَ؛ لِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا وَمَصْلَحَةً، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّ مِثْلَهُ مَفْسَدَةٌ؛ لِأَنَّ تَضَمُّنَهُ الصَّلَاحَ وَالْفَسَادَ لَيْسَ لِطَبْعِهِ وَلِذَاتِهِ وَلِوَصْفٍ هُوَ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي فِعْلِ شَيْءٍ وَقْتَ الزَّوَالِ مَصْلَحَةٌ وَفِيهِ وَقْتُ الْعَصْرِ مَفْسَدَةٌ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ بِيَوْمِ السَّبْتِ وَالْجُمُعَةِ وَالْمَكَانِ وَالْحَالِ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُفَارِقَ شِدَّةُ الْخَمْرِ شِدَّةَ النَّبِيذِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ النَّبِيذُ مِنْ الْخَمْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْهَمُ تَحْرِيمُ الضَّرْبِ وَالْأَذَى مِنْ التَّأْفِيفِ. قُلْنَا: الْحَقُّ عِنْدَنَا غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ الْعَارِي عَنْ الْقَرِينَةِ لَكِنْ إذَا دَلَّتْ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى قَصْدِ الْإِكْرَامِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَدُلُّ لَفْظُ التَّأْفِيفِ عَلَى تَحْرِيمِ الضَّرْبِ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ أَسْبَقَ إلَى الْفَهْمِ مِنْ التَّأْفِيفِ الْمَذْكُورِ؛ إذْ التَّأْفِيفُ لَا يَكُونُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ بَلْ يُقْصَدُ بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى مَنْعِ الْإِيذَاءِ بِذِكْرِ أَقَلِّ دَرَجَاتِهِ، وَكَذَلِكَ النَّقِيرُ وَالْقِطْمِيرُ وَالذَّرَّةُ وَالدِّينَارُ لَا يَدُلُّ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ عَلَى مَا فَوْقَهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] وَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ} [آل عمران: 75] وَفِي قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ مَا شَرِبْتُ لِفُلَانٍ جَرْعَةً وَلَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ حَبَّةً، بَلْ بِقَرِينَةِ دَفْعِ الْمِنَّةِ، وَإِظْهَارِ جَزَاءِ الْعَمَلِ؛ وَلَيْسَ إلْحَاقُ الضَّرْبِ بِالتَّأْفِيفِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ الْمُلْحَقَ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ هُوَ الَّذِي يُتَصَوَّرُ أَنْ يَغْفُلَ عَنْهُ الْمُتَكَلِّمُ وَلَا يَقْصِدَهُ بِكَلَامِهِ، وَهَا هُنَا الْمَسْكُوتُ عَنْهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْقَصْدِ الْبَاعِثِ عَلَى النُّطْقِ بِالتَّأْفِيفِ، وَهُوَ الْأَسْبَقُ إلَى فَهْمِ السَّامِعِ، فَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ لَحْنِ الْقَوْلِ وَفَحْوَاهُ، وَعِنْدَ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ رُبَّمَا تَظْهَرُ قَرِينَةٌ أُخْرَى تَمْنَعُ هَذَا الْفَهْمَ، إذْ الْمَلِكُ قَدْ يَقْتُلُ أَخَاهُ الْمُنَازِعَ لَهُ فَيَقُولُ لِلْجَلَّادِ: اُقْتُلْهُ وَلَا تُهِنْهُ وَلَا تَقُلْ لَهُ أُفٍّ. أَمَّا تَحْرِيمُ النَّبِيذِ بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ إلَّا الْقِيَاسُ، فَإِذَا لَمْ يُرِدْ التَّعَبُّدَ بِالْقِيَاسِ فَقَوْلُ: " حَرَّمْتُ الْخَمْرَ لِشِدَّتِهَا " لَا يُفْهِمُ تَحْرِيمَ النَّبِيذِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ " حَرَّمْتُ كُلَّ مُشْتَدٍّ.

مَسْأَلَةٌ ذَهَبَ الْقَاشَانِيُّ وَالنَّهْرَوَانِيُّ إلَى الْإِقْرَارِ بِالْقِيَاسِ لِأَجْلِ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ،
لَكِنْ خَصَّصُوا ذَلِكَ بِمَوْضِعَيْنِ أَحَدِهِمَا: أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً كَقَوْلِهِ «حَرَّمْتُ الْخَمْرَ لِشِدَّتِهَا» وَ «فَإِنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ»
الثَّانِي: الْأَحْكَامُ الْمُعَلَّقَةُ بِالْأَسْبَابِ، كَرَجْمِ مَاعِزٍ لِزِنَاهُ، وَقَطْعِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ.
وَكَأَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهَذَا الْجِنْسِ تَنْقِيحَ مَنَاطِ الْحُكْمِ وَيَعْتَرِفُونَ بِهِ. قُلْنَا: هَذَا الْمَذْهَبُ يُمْكِنُ تَنْزِيلُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدِهِمَا: أَنْ يَشْتَرِطُوا مَعَ هَذَا أَنْ يَقُولَ: " وَحَرَّمْتُ كُلَّ مُشَارِكٍ لِلْخَمْرِ فِي الشِّدَّةِ " وَيَقُولَ: فِي رَجْمِ مَاعِزٍ " وَحُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ " فَهَذَا لَيْسَ قَوْلًا بِالْقِيَاسِ بَلْ بِالْعُمُومِ فَلَا يَحْصُلُ هَذَا التَّفَصِّي بِهِ عَنْ عُهْدَةِ الْإِجْمَاعِ الْمُنْعَقِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى الْقِيَاسِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يُشْتَرَطَ هَذَا وَلَا يُشْتَرَطَ أَيْضًا وُرُودُ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ، فَهَذِهِ زِيَادَةٌ عَلَيْنَا وَقَوْلٌ بِالْقِيَاسِ حَيْثُ لَا نَقُولُ بِهِ كَمَا رَدَدْنَاهُ عَلَى النَّظَّامِ
الثَّالِثِ: أَنْ يَقُولَ " مَهْمَا وَرَدَ التَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ جَازَ الْإِلْحَاقُ بِالْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ " فَهَذَا قَوْلُ حَقٍّ فِي الْأَصْلِ خَطَأٌ فِي الْحَصْرِ، فَإِنَّهُ قَصَرَ طَرِيقَ إثْبَاتِ عِلَّةِ الْأَصْلِ عَلَى النَّصِّ، وَلَيْسَ مَقْصُورًا عَلَيْهِ بَلْ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ أَوْ دَلِيلٌ آخَرُ وَمَا لَمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ فَنَحْنُ لَا نُجَوِّزُ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست