responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 298
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُمْ: النَّفْيُ الْأَصْلِيُّ مَعْلُومٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ عَنْهُ بِالنَّصِّ مَعْلُومٌ، فَيَبْقَى الْمَسْكُوتُ عَنْهُ عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ الْمَعْلُومِ، فَكَيْفَ يَنْدَفِعُ الْمَعْلُومُ عَلَى الْقَطْعِ بِالْقِيَاسِ الْمَظْنُونِ؟ قُلْنَا: الْعُمُومُ، وَالظَّوَاهِرُ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ، وَقَوْلُ الْمُقَوِّمِ فِي أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَالنَّفَقَاتِ، وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَصِدْقِ الشُّهُودِ وَصِدْقِ الْمُخَالِفِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ كُلُّ ذَلِكَ مَظْنُونٌ، وَيُرْفَعُ بِهِ النَّفْيُ الْأَصْلِيُّ ثُمَّ نَقُولُ: نَحْنُ لَا نَرْفَعُ ذَلِكَ إلَّا بِقَاطِعٍ، فَإِنَّا إذَا تُعُبِّدْنَا بِاتِّبَاعِ الْعِلَّةِ الْمَظْنُونَةِ، وَظَنَنَّا فَنَقْطَعُ بِوُجُودِ الظَّنِّ، وَنَقْطَعُ بِوُجُودِ الْحُكْمِ عِنْدَ الظَّنِّ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ إلَّا بِقَاطِعٍ.

الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُمْ: كَيْفَ يُتَصَرَّفُ بِالْقِيَاسِ فِي شَرْعٍ مَبْنَاهُ عَلَى التَّحَكُّمِ، وَالتَّعَبُّدِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُتَفَرِّقَاتِ؟ إذْ قَالَ: يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ، وَيَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ الْمَنِيِّ، وَالْحَيْضِ، وَلَا يَجِبُ مِنْ الْبَوْلِ، وَالْمَذْيِ، وَفَرَّقَ فِي حَقِّ الْحَائِضِ بَيْنَ قَضَاءِ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَأَبَاحَ النَّظَرَ إلَى الرَّقِيقَةِ دُونَ الْحُرَّةِ، وَجَمَعَ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ فَأَوْجَبَ جَزَاءَ الصَّيْدِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَفَرَّقَ فِي حَلْقِ الشَّعْرِ، وَالتَّطَيُّبِ بَيْنَ الْعَمْدِ، وَالْخَطَأِ، وَأَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ بِالظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ، وَالْيَمِينِ، وَالْإِفْطَارِ، وَأَوْجَبَ الْقَتْلَ عَلَى الزَّانِي، وَالْكَافِرِ، وَالْقَاتِلِ، وَتَارِكِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ لِأَبِي بُرْدَةَ: «تُجْزِي عَنْكَ، وَلَا تُجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك فِي الْأُضْحِيَّةِ» ، وَقِيلَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] ، وَكَيْفَ يَتَجَاسَرُ فِي شَرْعٍ هَذَا مِنْهَاجُهُ عَلَى إلْحَاقِ الْمَسْكُوتِ بِالْمَنْطُوقِ، وَمَا مِنْ نَصٍّ عَلَى مَحَلٍّ إلَّا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَحَكُّمًا، وَتَعَبُّدًا؟ قُلْنَا: لَا نُنْكِرُ اشْتِمَالَ الشَّرْعِ عَلَى تَحَكُّمَاتٍ، وَتَعَبُّدَاتٍ فَلَا جَرَمَ، نَقُولُ: الْأَحْكَامُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يُعَلَّلُ أَصْلًا، وَقِسْمٌ يُعْلَمُ كَوْنُهُ مُعَلَّلًا، كَالْحَجْرِ عَلَى الصَّبِيِّ فَإِنَّهُ لِضَعْفِ عَقْلِهِ، وَقِسْمٌ يُتَرَدَّدُ فِيهِ.
وَنَحْنُ لَا نَقِيسُ مَا لَمْ يَقُمْ لَنَا دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ الْحُكْمِ مُعَلَّلًا، وَدَلِيلٌ عَلَى عَيْنِ الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَدَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الْمَذْكُورُ، وَلَمَّا كَثُرَتْ التَّعَبُّدَاتُ فِي الْعِبَادَاتِ لَمْ يُرْتَضَ قِيَاسٌ غَيْرُ التَّكْبِيرِ، وَالتَّسْلِيمِ، وَالْفَاتِحَةِ عَلَيْهَا، وَلَا قِيَاسَ غَيْرَ الْمَنْصُوصِ فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَإِنَّمَا نَقِيسُ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَغَرَامَاتِ الْجِنَايَاتِ، وَمَا عُلِمَ بِقَرَائِنَ كَثِيرَةٍ بِنَاؤُهَا عَلَى مَعَانٍ مَعْقُولَةٍ، وَمَصَالِحَ دُنْيَوِيَّةٍ.

الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُمْ: إنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَتْرُكَ الْوَجِيزَ الْمُفْهِمَ، وَيَعْدِلَ إلَى الطَّوِيلِ الْمُوهِمِ، فَيَعْدِلَ عَنْ قَوْلِهِ: حَرَّمْت الرِّبَا فِي كُلِّ مَطْعُومٍ أَوْ كُلِّ مَكِيلٍ، إلَى عَدِّ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ لِيَرْتَبِكَ الْخَلْقُ فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ؟ قُلْنَا: وَلَوْ ذَكَرَ الْأَشْيَاءَ السِّتَّةَ، وَذَكَرَ مَعَهَا أَنَّ مَا عَدَاهَا لَا رِبَا فِيهِ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ حَرَامٌ فِيهِ لَكَانَ ذَلِكَ أَصْرَحَ وَلِلْجَهْلِ، وَالِاخْتِلَافِ أَدْفَعَ، فَلِمَ لَمْ يُصَرِّحْ، وَقَدْ كَانَ قَادِرًا بِبَلَاغَتِهِ عَلَى قَطْعِ الِاحْتِمَالِ لِلْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ، وَالظَّوَاهِرِ، وَعَلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْجَمِيعَ فِي الْقُرْآنِ الْمُتَوَاتِرِ لِيَحْسِمَ الِاحْتِمَالَ عَنْ الْمَتْنِ، وَالسَّنَدِ جَمِيعًا، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى رَفْعِ احْتِمَالِ التَّشْبِيهِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّصْرِيحِ بِالْحَقِّ فِي جَمِيعِ مَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، وَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا سَبِيلَ إلَى التَّحَكُّمِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِيمَا صَرَّحَ، وَنَبَّهَ وَطَوَّلَ، وَأَوْجَزَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِأَسْرَارِ ذَلِكَ كُلِّهِ. ثُمَّ نَقُولُ: إنْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى لُطْفًا، وَسِرًّا فِي تَعَبُّدِ الْعُلَمَاءِ بِالِاجْتِهَادِ، وَأَمْرِهِمْ بِالتَّشْمِيرِ عَنْ سَاقِ الْجِدِّ فِي اسْتِنْبَاطِ أَسْرَارِ الشَّرْعِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست