responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 294
فَهُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى قِيَاسِ دَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى دَيْنِ الْخَلْقِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تُعَرِّفُ الْقَصْدَ أَيْضًا، إذْ لَوْ كَانَ لِتَعْلِيمِ الْقِيَاسِ لَقِيسَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَالصَّلَاةُ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ لِأَجْلِ الدَّافَّةِ أَيْ: الْقَافِلَةُ فَادَّخِرُوا» فَبَيَّنَ أَنَّهُ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْ الْعِلَّةِ فَقَدْ كَانَ النَّهْيُ لِعِلَّةٍ، وَقَدْ زَالَتْ الْعِلَّةُ فَزَالَ الْحُكْمُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: فَلَا إذًا» . وقَوْله تَعَالَى {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7] ، وَقَالَ لِأُمِّ سَلَمَةَ، وَقَدْ سُئِلَتْ عَنْ قُبْلَةِ الصَّائِمِ: «أَلَا أَخْبَرْتِيهِ أَنِّي أُقَبِّلُ، وَأَنَا صَائِمٌ» تَنْبِيهًا عَلَى قِيَاسِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهُ قَالَ:
«إنِّي أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِالرَّأْيِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ» ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105] ، وَلَيْسَ الرَّأْيُ إلَّا تَشْبِيهًا، وَتَمْثِيلًا بِحُكْمِ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الشَّيْءِ، وَأَشْبَهُ بِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُجْتَهِدًا بِالْأَمْرِ، وَثَبَتَ اجْتِهَادُ الصَّحَابَةِ فَيُعْلَمُ أَنَّهُمْ اجْتَهَدُوا بِالْأَمْرِ، وَقَالَ عُمَرُ يَا أَيّهَا النَّاسُ إنَّ الرَّأْيَ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُصِيبًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ يُسَدِّدُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الظَّنِّ، وَالتَّكَلُّفِ، فَلَمْ يُفَرِّقْ إلَّا فِي الْعِصْمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ «أَمْرُهُ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ أَنْ يَحْكُمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِرَأْيِهِ فَأَمَرَهُمْ بِالنُّزُولِ عَلَى حُكْمِهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، وَسَبْيِ نِسَائِهِمْ، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَقَدْ وَافَقَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللَّهِ» وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: «إذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ، وَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ» ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «شَاوَرَ الصَّحَابَةَ فِي عُقُوبَةِ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ قَبْلَ نُزُولِ الْحَدِّ» ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَجَمَلُوهَا، وَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا» عَلَّلَ تَحْرِيمَ ثَمَنِهَا بِتَحْرِيمِ أَكْلِهَا، وَاسْتَدَلَّ عُمَرُ بِهَذَا فِي الرَّدِّ عَلَى سَمُرَةَ حَيْثُ أَخَذَ الْخَمْرَ فِي عُشُورِ الْكُفَّارِ، وَبَاعَهَا.
وَمِنْ تَعْلِيلَاتِهِ بَعْضَ الْأَحْكَامِ كَقَوْلِهِ: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُحْشَرُ مُلَبِّيًا» ، وَقَوْلُهُ فِي الشُّهَدَاءِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، وَالطَّوَّافَاتِ» ، وَقَوْلُهُ «فِي الَّذِي ابْتَاعَ غُلَامًا، وَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ رَدَّهُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» : فَهَذِهِ أَجْنَاسٌ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحَصْرِ، وَآحَادُهَا لَا تَدُلُّ دَلَالَةً قَاطِعَةً، وَلَكِنْ لَا يَبْعُدُ تَأْثِيرُ اقْتِرَانِهَا مَعَ نَظَائِرِهَا فِي إشْعَارِ الصَّحَابَةِ بِكَوْنِهِمْ مُتَعَبَّدِينَ بِالْقِيَاسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْقَوْلُ فِي شُبَهِ الْمُنْكِرِينَ لِلْقِيَاسِ وَالصَّائِرِينَ إلَى حَظْرِهِ]
ِ شُبَهُ الْمُنْكِرِينَ لِلْقِيَاسِ، وَالصَّائِرِينً إلَى حَظْرِهِ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ،، وَهِيَ سَبْعٌ.
الْأُولَى: تَمَسُّكُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ، وَقَوْلُهُ: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] قَالُوا: مَعْنَاهُ بَيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا شَرَعَ لَكُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا فَلْيَكُنْ كُلُّ مَشْرُوعٍ فِي الْكِتَابِ، وَمَا لَيْسَ مَشْرُوعًا، فَيَبْقَى عَلَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ.
وَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ أَيْنَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَسْأَلَةُ الْجَدِّ، وَالْإِخْوَةِ، وَالْعَوْلِ، وَالْمَبْتُوتَةِ، وَالْمُفَوَّضَةِ، وَأَنْتِ عَلِيَّ حَرَامٌ، وَفِيهَا حُكْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى شَرْعِيٌّ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى طَلَبِهِ، وَالْكِتَابُ بَيَانٌ لَهُ إمَّا بِتَمْهِيدِ طَرِيقِ الِاعْتِبَارِ أَوْ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْإِجْمَاعِ، وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ الْقِيَاسُ بِالْإِجْمَاعِ، وَالسُّنَّةِ، فَيَكُونُ الْكِتَابُ قَدْ بَيَّنَهُ.
الثَّانِي: أَنَّكُمْ حَرَّمْتُمْ الْقِيَاسَ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بَيَانُ تَحْرِيمِهِ، فَيَلْزَمُكُمْ تَخْصِيصُ قَوْله تَعَالَى لِكُلِّ شَيْءٍ كَمَا خُصِّصَ قَوْلُهُ: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 102] {وَأُوتِيَتْ مِنْ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 294
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست