responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 270
يَقْتَضِيهِ الْأَصْلُ، وَكَيْفَ، وَنَحْنُ نُجَوِّزُ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ؟ فَلَوْ كَانَ إيجَابُ الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ نَافِيًا لِلْقَتْلِ عِنْدَ انْتِفَائِهَا لَكَانَ إيجَابُ الْقِصَاصِ نَسْخًا لِذَلِكَ النَّفْيِ، بَلْ فَائِدَةُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ مَعْرِفَةُ الرَّابِطَةِ فَقَطْ، وَلَيْسَ مِنْ فَائِدَتِهِ أَيْضًا تَعْدِيَةُ الْعِلَّةِ مِنْ مَحَلِّهَا إلَى غَيْرِ مَحَلِّهَا فَإِنَّ ذَلِكَ عُرِفَ بِوُرُودِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ، وَلَوْلَاهُ لَكَانَ قَوْلُهُ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْخَمْرُ لِشِدَّتِهَا، لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ النَّبِيذِ الْمُشْتَدِّ بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ شِدَّةَ الْخَمْرِ خَاصَّةً إلَى أَنْ يَرِدَ دَلِيلٌ، وَتَعَبَّدَ بِاتِّبَاعِ الْعِلَّةِ، وَتَرْكِ الِالْتِفَاتِ إلَى الْمَحَلِّ.
الْمَسْلَكُ التَّاسِعُ: اسْتِدْلَالُهُمْ بِتَخْصِيصَاتٍ فِي الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ خَالَفَ الْمَوْصُوفُ فِيهَا غَيْرَ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ، وَسَبِيلُ الْجَوَابِ عَنْ جَمِيعِهَا إمَّا لِبَقَائِهَا عَلَى الْأَصْلِ أَوْ مَعْرِفَتِهَا بِدَلِيلٍ آخَرَ أَوْ بِقَرِينَةٍ، وَلَوْ دَلَّ مَا ذَكَرُوهُ لَدَلَّتْ تَخْصِيصَاتٌ فِي الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ لَا أَثَرَ لَهَا عَلَى نَقِيضِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إذْ يَجِبُ عَلَى الْخَاطِئِ، وقَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] إذْ تَجِبُ عَلَى الْعَامِدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَوْلِهِ: {فلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ} [النساء: 101] الْآيَةِ، وَقَوْلِهِ فِي الْخُلْعِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا» إلَى أَمْثَالٍ لَهُ لَا تُحْصَى.

[الْقَوْلُ فِي دَرَجَاتِ دَلِيلِ الْخِطَابِ]
ِ اعْلَمْ أَنَّ تَوَهُّمَ النَّفْيِ مِنْ الْإِثْبَاتِ عَلَى مَرَاتِبَ، وَدَرَجَاتٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ:
الْأُولَى وَهِيَ أَبْعَدُهَا، وَقَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِهَا كُلُّ مُحَصِّلٍ مِنْ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ، وَهُوَ مَفْهُومُ اللَّقَبِ كَتَخْصِيصِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ فِي الرِّبَا.
الثَّانِيَةُ: الِاسْمُ الْمُشْتَقُّ الدَّالُّ عَلَى جِنْسٍ، كَقَوْلِهِ: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» ، وَهَذَا أَيْضًا يَظْهَرُ إلْحَاقُهُ بِاللَّقَبِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَقَبٌ لِجِنْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِمَّا يُطْعَمُ، إذْ لَا تُدْرَكُ تَفْرِقَةٌ بَيْنَ قَوْلِهِ: «فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ، وَفِي الْمَاشِيَةِ زَكَاةٌ» وَإِنْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ مُشْتَقَّةً مَثَلًا.

الثَّالِثَةُ: تَخْصِيصُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَطْرَأُ، وَتَزُولُ، كَقَوْلِهِ: «الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا» «وَالسَّائِمَةُ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ» فَلِأَجْلِ أَنَّ السَّوْمَ يَطْرَأُ، وَيَزُولُ رُبَّمَا يَتَقَاضَى الذِّهْنُ طَلَبَ سَبَبِ التَّخْصِيصِ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ حَمَلَهُ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ، وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَمَنْشَؤُهُ الْجَهْلُ بِمَعْرِفَةِ الْبَاعِثِ عَلَى التَّخْصِيصِ.

الرَّابِعَةُ: أَنْ يُذْكَرَ الِاسْمُ الْعَامُّ ثُمَّ تُذْكَرَ الصِّفَةُ الْخَاصَّةُ فِي مَعْرَضِ الِاسْتِدْرَاكِ، وَالْبَيَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ: «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ» ، وَكَقَوْلِهِ: «مَنْ بَاعَ نَخْلَةً مُؤَبَّرَةً فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ» «وَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الْحَرْبِيِّينَ» ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْغَنَمَ، وَالنَّخْلَةَ، وَالْمُشْرِكِينَ، وَهِيَ عَامَّةٌ، فَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ يَعُمُّهَا لَمَا أَنْشَأَ بَعْدَهُ اسْتِدْرَاكًا، لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ مُجَرَّدَ هَذَا التَّخْصِيصِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ، فَيَرْجِعُ حَاصِلُ الْكَلَامِ إلَى سَبَبِ الِاسْتِدْرَاكِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبٌ سِوَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ لَمْ نَعْرِفْهُ.
وَوَجْهُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ هَذِهِ الصُّوَرِ أَنَّ تَخْصِيصَ اللَّقَبِ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُ ذِكْرُ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الْأَشْيَاءَ السِّتَّةَ، فَهَذَا احْتِمَالٌ، وَهُوَ الْغَفْلَةُ عَنْ غَيْرِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست