responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 223
يُمْكِنُ ارْتِكَابُهُ، فَصَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ إذَا نُهِيَ عَنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ ارْتِكَابُهُ، وَيَكُونَ صَوْمًا، فَاسْمُ الصَّوْمِ لِلصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ لَا لِلْإِمْسَاكِ فَإِنَّهُ صَوْمٌ لُغَةً لَا شَرْعًا، وَالْأَسَامِي الشَّرْعِيَّةُ تُحْمَلُ عَلَى مَوْضُوعِ الشَّرْعِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» وقَوْله تَعَالَى: {، وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} [النساء: 22] لِأَنَّهُ حَمَلَ النِّكَاحَ، وَالصَّلَاةَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ عَلَى خِلَافِ الْوَضْعِيِّ بِدَلِيلٍ دَلَّ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ، وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» لِأَنَّ ذَلِكَ نَفْيٌ، وَلَيْسَ نَهْيًا، قُلْنَا: الْأَصْلُ أَنَّ الِاسْمَ لِمَوْضُوعِهِ اللُّغَوِيِّ إلَّا مَا صَرَفَهُ عَنْهُ عُرْفُ الِاسْتِعْمَالِ فِي الشَّرْعِ وَقَدْ أَلْفَيْنَا عُرْفَ الشَّرْعِ فِي الْأَوَامِرِ أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الصَّوْمَ، وَالنِّكَاحَ، وَالْبَيْعَ لِمَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّةِ، أَمَّا فِي الْمَنْهِيَّاتِ فَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا الْعُرْفُ، الْمُغَيِّرُ لِلْوَضْعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: «دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ» أَوْ {ولَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ} [النساء: 22] ، وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْمَنَاهِي مِمَّا لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عُرْفُ اسْتِعْمَالِ الشَّرْعِ فَيَرْجِعُ إلَى أَصْلِ الْوَضْعِ، وَنَقُولُ: إذَا تَعَارَضَ فِيهِ عُرْفُ الشَّرْعِ، وَالْوَضْعِ فَمَنْ صَامَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَدْ ارْتَكَبَ النَّهْيَ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ صَوْمُهُ، وَيَكُونُ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ يُفْضِي إلَى صَرْفِ النَّهْيِ عَنْ ذَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَنْهِيًّا فِي عَيْنِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً مُنْعَقِدَةً، وَمُطْلَقُ النَّهْيِ عَنْ الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ عَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ فَلَا مَعْنَى لِتَرْكِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا اخْتَرْتُمْ أَنَّ النَّهْيَ لَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَا عَلَى الْفَسَادِ فِي أَسْبَابِ الْمُعَامَلَاتِ فَمَا قَوْلُكُمْ فِي النَّهْيِ عَنْ الْعِبَادَاتِ؟ قُلْنَا: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ النَّهْيَ يُضَادُّ كَوْنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قُرْبَةً، وَطَاعَةً؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُوَافِقُ الْأَمْرَ، وَالْأَمْرُ، وَالنَّهْيُ مُتَضَادَّانِ، فَعَلَى هَذَا صَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ لَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا إنْ أُرِيدَ بِانْعِقَادِهِ كَوْنُهُ طَاعَةً وَقُرْبَةً، وَامْتِثَالًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يُضَادُّهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً لَمْ يَلْزَمْ بِالنَّذْرِ إذْ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ نَعَمْ لَوْ أَمْكَنَ صَرْفُ النَّهْيِ عَنْ عَيْنِ الصَّوْمِ إلَى تَرْكِ إجَابَةِ دَعْوَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادُهُ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ أَيْضًا فَاسِدٌ كَمَا سَبَقَ فِي الْقُطْبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قِيلَ فَقَدْ حُمِلَ بَعْضُ الْمَنَاهِي فِي الشَّرْعِ عَلَى الْفَسَادِ دُونَ الْبَعْضِ فَمَا الْفَصْلُ؟ قُلْنَا: النَّهْيُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ فَسَادُ الْعَقْدِ، وَالْعِبَادَةِ بِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَرُكْنِهِ، وَيُعْرَفُ فَوَاتُ الشَّرْطِ إمَّا بِالْإِجْمَاعِ كَالطَّهَارَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَإِمَّا بِنَصٍّ، وَإِمَّا بِصِيغَةِ النَّفْيِ، كَقَوْلِهِ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ، وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» فَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي النَّفْيِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ.
وَأَمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْصُوصٍ فَكُلُّ نَهْيٍ يَتَضَمَّنُ ارْتِكَابُهُ الْإِخْلَالَ بِالشَّرْطِ فَيَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ مِنْ حَيْثُ الْإِخْلَالُ بِالشَّرْطِ لَا مِنْ حَيْثُ النَّهْيُ، وَشَرْطُ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُتَقَوِّمًا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مُعَيَّنًا، أَمَّا كَوْنُهُ مَرْئِيًّا فَفِي اشْتِرَاطِهِ خِلَافٌ، وَشَرْطُ الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ مَالًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ، وَالْجِنْسِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ النِّكَاحِ الصَّدَاقُ فَلِذَلِكَ لَمْ يَفْسُدْ بِكَوْنِ النِّكَاحِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ، وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ السُّنِّيِّ، وَالْبِدْعِيِّ فِي شَرْطِ النُّفُوذِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّحْرِيمِ. فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: كُلُّ نَهْيٍ رَجَعَ إلَى عَيْنِ الشَّيْءِ فَهُوَ دَلِيلُ الْفَسَادِ دُونَ مَا يُرْجَعُ إلَى غَيْرِهِ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ قُلْنَا: لَا لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ فِي حَالِ الْحَيْضِ، وَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْ الطَّلَاقِ لِعَيْنِهِ، وَلَا عَنْ الصَّلَاةِ لِعَيْنِهَا بَلْ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست