responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 219
ثَوَابَ مَنْ عَزَمَ عَلَى وَاجِبٍ، وَإِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: " صُمْ غَدًا " فَهُوَ أَمْرٌ فِي الْحَالِ بِصَوْمٍ فِي الْغَدِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ فِي الْغَدِ، وَإِذَا قَالَ لَهُ: " أَوْجَبْتُ عَلَيْكَ بِشَرْطِ بَقَائِكَ وَقُدْرَتِكَ " فَهُوَ مُوجَبٌ فِي الْحَالِ لَكِنْ إيجَابًا بِشَرْطٍ، فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْهَمَ حَقِيقَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ: " بِعْ دَارِي غَدًا " فَهُوَ مُوَكِّلٌ، وَآمِرٌ فِي الْحَالِ، وَالْوَكِيلُ مَأْمُورٌ، وَوَكِيلٌ فِي الْحَالِ حَتَّى يُعْقَلَ أَنْ يُعْزَلَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ؛ فَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ: " وَكَّلَنِي ثُمَّ عَزَلَنِي، وَأَمَرَنِي ثُمَّ مَنَعَنِي " كَانَ صَادِقًا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ لَا يُتَبَيَّن أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا، وَقَدْ حَقَّقْنَا هَذَا فِي مَسْأَلَةِ نَسْخِ الْأَمْرِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِامْتِثَالِ، وَفِي نَسْخِ الذَّبْحِ عَنْ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِهَذَا فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: " إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتَ وَكِيلِي " وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ: " وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ دَارِي لَكِنْ تَبِيعُهَا رَأْسِ الشَّهْرِ " فَإِنَّ الْأَوَّلَ تَعْلِيقٌ، وَمَنْ مَنَعَ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ رُبَّمَا جَوَّزَ تَنْجِيزَ الْوَكَالَةِ مَعَ تَأْخِيرٍ عِنْدَ التَّنْفِيذِ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ.
الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى لُزُومِ الشُّرُوعِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ، أَعْنِي: أَوَّلَ يَوْمٍ مَثَلًا، وَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ يُبَيِّنُ عَدَمَ الْأَمْرِ فَالْمَوْتُ مُجَوِّزٌ فَيَصِيرُ الْأَمْرُ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ بِالشَّكِّ فَإِنْ قِيلَ: لِأَنَّهُ إنْ بَقِيَ كَانَ وَاجِبًا، وَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ، وَالْحَاصِلُ فِي الْحَالِ يُسْتَصْحَبُ وَالِاسْتِصْحَابُ أَصْلٌ تُبْنَى عَلَيْهِ الْأُمُورُ، كَمَا أَنَّ مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ سَبُعٌ يَهْرَبُ، وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ مَوْتُ السَّبُعِ قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ لَكِنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فَيَسْتَصْحِبُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ فُتِحَ هَذَا الْبَابُ لَمْ يُتَصَوَّرْ امْتِثَالُ الْأَوَامِرِ الْمُضَيَّقَةِ أَوْقَاتُهَا كَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُعْلَمُ تَمَامُ التَّمَكُّنِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْيَوْمِ، وَيَكُونُ قَدْ فَاتَ. قُلْنَا: هَذَا يَلْزَمُكُمْ فِي الصَّوْمِ، وَمَذْهَبُكُمْ هُوَ الَّذِي يُفْضِي إلَى هَذَا الْمُحَالِ، وَمَا يُفْضِي إلَى الْمُحَالِ فَهُوَ مُحَالٌ، وَأَمَّا الْهَرَبُ مِنْ السَّبُعِ فَحَزْمٌ، وَأَخْذٌ بِأَسْوَأِ الْأَحْوَالِ، وَيَكْفِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ الْبَعِيدُ، فَإِنَّ مَنْ شَكَّ فِي سَبُعٍ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ سَارِقٍ فَيَحْسُنُ مِنْهُ الْحَزْمُ وَالِاحْتِرَازُ، أَمَّا الْوُجُوبُ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ الصَّوْمِ، وَمَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا لِأَنَّهُ أَخَذَ بِالِاحْتِمَالِ الْآخَرِ، وَهُوَ احْتِمَالُ الْمَوْتِ فَلْيَكُنْ مَعْذُورًا بِهِ.
فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ ظَنَّ الْبَقَاءِ بِالِاسْتِصْحَابِ أَوْرَثَ ظَنَّ الْوُجُوبِ، وَظَنُّ الْوُجُوبِ اقْتَضَى تَحَقُّقَ الْوُجُوبِ مِنْ الشَّرْعِ جَزْمًا قَطْعًا، فَهَذَا تَعَسُّفٌ، وَتَنَاقُضٌ.
الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ مَنْ حَبَسَ الْمُصَلِّيَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَيَّدَهُ، وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّلَاةِ مُتَعَدٍّ عَاصٍ بِسَبَبِ مَنْعِهِ مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاجِبَةِ، فَإِنْ كَانَ التَّكْلِيفُ يَنْدَفِعُ بِهِ فَقَدْ أَحْسَنَ إلَيْهِ إذَا مَنَعَ التَّكْلِيفَ عَنْهُ فَلِمَ عَصَى؟ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ عَصَى، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْغَيْرِ بِضَبْطِهِ، وَمَنْعِهِ حَرَامٌ، وَإِنَّ مَنْعَهُ غَيْرُ مُبَاحٍ أَيْضًا؛ وَلِأَنَّ مَنْعَهُ صَارَ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ عَلَى خَطَرٍ مِنْ فَوَاتِهِ، أَوْ يُحَرَّمُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يُكَلِّفَهُ، وَفِي التَّكْلِيفِ مَصْلَحَةٌ وَقَدْ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَيَّدَهُ قَبْلَ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ إلَى أَنْ بَلَغَ، وَدَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ عَصَى، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الصَّبِيِّ أَمْرٌ نَاجِزٌ لَا بِشَرْطٍ، وَلَا بِغَيْرِ شَرْطٍ. شُبَهُ الْمُعْتَزِلَةِ.
الْأُولَى: قَوْلُهُمْ: إثْبَاتُ الْأَمْرِ بِشَرْطٍ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الشَّيْءِ مَشْرُوطًا بِمَا يُوجَدُ بَعْدَهُ، وَالشَّرْطُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَارَنَ أَوْ يَتَقَدَّمَ، أَمَّا تَأْخِيرُ الشَّرْطِ عَنْ الْمَشْرُوطِ فَمُحَالٌ. قُلْنَا: لَيْسَ هَذَا شَرْطًا لِوُجُودِ ذَاتِ الْأَمْرِ وَقِيَامِهِ بِذَاتِ الْأَمْرِ، بَلْ الْأَمْرُ مَوْجُودٌ قَائِمٌ بِذَاتِ الْأَمْرِ وُجِدَ الشَّرْطُ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست