responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 191
الْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ، فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى السَّمَوَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] لَهُ مَعْنًى يُخَالِفُ الْوَقْفَ عَلَى الْأَرْضِ وَالِابْتِدَاءِ بِقَوْلِهِ: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} [الأنعام: 3] وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] مِنْ غَيْرِ وَقْفٍ يُخَالِفُ الْوَقْفَ عَلَى قَوْلِهِ: إلَّا اللَّهُ وَذَلِكَ لِتَرَدُّدِ الْوَاوِ بَيْنَ الْعَطْفِ وَالِابْتِدَاءِ. وَلِذَلِكَ قَدْ يَصْدُقُ قَوْلُكَ: الْخَمْسَةُ زَوْجٌ وَفَرْدٌ أَيْ هُوَ اثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ، وَيَصْدُقُ قَوْلُكَ: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ وَجِسْمٌ؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ وَجِسْمٌ أَيْضًا. وَلَا يَصْدُقُ قَوْلُكَ: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ وَجِسْمٌ، وَلَا قَوْلُكَ: الْخَمْسَةُ زَوْجٌ وَفَرْدٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَجِسْمٍ وَلَيْسَتْ الْخَمْسَةُ زَوْجًا وَفَرْدًا أَيْضًا؛ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ يَحْتَمِلُ جَمْعَ الْأَجْزَاءِ وَجَمْعَ الصِّفَاتِ. وَكَذَلِكَ تَقُولُ: زَيْدٌ طَبِيبٌ بَصِيرٌ، يَصْدُقُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا ضَعِيفَ الْمَعْرِفَةِ بِالطِّبِّ وَلَكِنْ بَصِيرٌ بِالْخِيَاطَةِ، فَيَتَرَدَّدُ الْبَصِيرُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْبَصِيرُ فِي الطِّبِّ أَوْ يُرَادَ وَصْفٌ زَائِدٌ فِي نَفْسِهِ. فَهَذِهِ أَمْثِلَةُ مَوَاضِعِ الْإِجْمَالِ.

[الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُبِين وَفِيهِ مَسَائِل]
[مَسْأَلَةٌ فِي حَدِّ الْبَيَانِ]
الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ وَقَدْ تَمَّ الْقَوْلُ فِي الْمُجْمَلِ وَفِي مُقَابَلَتِهِ الْمُبَيَّنُ فَلْنَتَكَلَّمْ فِي الْبَيَانِ وَحُكْمِهِ وَحَدِّهِ. الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُبَيَّنِ:
اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَةُ الْأُصُولِيِّينَ بِرَسْمِ كِتَابٍ فِي الْبَيَانِ وَلَيْسَ النَّظَرُ فِيهِ مِمَّا يَسْتَوْجِبُ أَنْ يُسَمَّى كِتَابًا، فَالْخَطْبُ فِيهِ يَسِيرٌ الْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ. وَرَأَيْتُ أَوْلَى الْمَوَاضِعِ بِهِ أَنْ يُذْكَرَ عَقِيبَ الْمُجْمَلِ، فَإِنَّهُ الْمُفْتَقِرُ إلَى الْبَيَانِ وَالنَّظَرِ فِي حَدِّ الْبَيَانِ وَجَوَازِ تَأْخِيرِهِ وَالتَّدْرِيجِ فِي إظْهَارِهِ وَفِي طَرِيقِ ثُبُوتِهِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ نَرْسُمُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَسْأَلَةً.
مَسْأَلَةٌ: فِي حَدِّ الْبَيَانِ
اعْلَمْ أَنَّ الْبَيَانَ عِبَارَةٌ عَنْ أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالتَّعْرِيفِ وَالْإِعْلَامِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْإِعْلَامُ بِدَلِيلٍ، وَالدَّلِيلُ مُحَصِّلٌ لِلْعِلْمِ، فَهَهُنَا ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: إعْلَامٌ وَدَلِيلٌ بِهِ الْإِعْلَامُ وَعِلْمٌ يَحْصُلُ مِنْ الدَّلِيلِ؛ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَعَلَهُ عِبَارَةً عَنْ التَّعْرِيفِ فَقَالَ فِي حَدِّهِ: إنَّهُ إخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي. وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ عِبَارَةً عَمَّا بِهِ تَحْصُلُ الْمَعْرِفَةُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَعْرِفَةِ، أَعْنِي الْأُمُورَ الَّتِي لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً وَهُوَ الدَّلِيلُ، فَقَالَ فِي حَدِّهِ: إنَّهُ الدَّلِيلُ الْمُوَصِّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ بِمَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي.
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِ الْعِلْمِ وَهُوَ تَبَيُّنُ الشَّيْءِ، فَكَأَنَّ الْبَيَانَ عِنْدَهُ وَالتَّبَيُّنَ وَاحِدٌ. وَلَا حَجْرَ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْبَيَانِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، إلَّا أَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى اللُّغَةِ وَإِلَى الْمُتَدَاوَلِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، إذْ يُقَالُ لِمَنْ دَلَّ غَيْرَهُ عَلَى الشَّيْءِ بَيَّنَهُ لَهُ، وَهَذَا بَيَانٌ مِنْكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَقَالَ تَعَالَى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 138] وَأَرَادَ بِهِ الْقُرْآنَ وَعَلَى هَذَا فَبَيَانُ الشَّيْءِ قَدْ يَكُونُ بِعِبَارَاتٍ وُضِعَتْ بِالِاصْطِلَاحِ، فَهِيَ بَيَانٌ فِي حَقِّ مَنْ تَقَدَّمَتْ مَعْرِفَتُهُ بِوَجْهِ الْمُوَاضَعَةِ. وَقَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ وَالْإِشَارَةِ وَالرَّمْزِ، إذْ الْكُلُّ دَلِيلٌ وَمُبَيِّنٌ، وَلَكِنْ صَارَ فِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ مَخْصُوصًا بِالدَّلَالَةِ بِالْقَوْلِ لَهُ بَيَانٌ حَسَنٌ، أَيْ: كَلَامٌ حَسَنٌ رَشِيقُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقَاصِدِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطُ الْبَيَانِ أَنْ يَحْصُلَ التَّبْيِينُ بِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بَلْ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا سُمِعَ وَتُؤُمِّلَ وَعُرِفَتْ الْمُوَاضَعَةُ صَحَّ أَنْ يُعْلَمَ بِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَلِفَ النَّاسُ فِي تَبَيُّنِ ذَلِكَ وَتَعَرُّفِهِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِمُشْكِلٍ؛ لِأَنَّ النُّصُوصَ الْمُعْرِبَةَ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست