responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 175
الرُّتْبَةُ الثَّانِيَةُ: مَا يَقَعُ فِي رُتْبَةِ الْحَاجَاتِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَالْمُنَاسِبَاتِ، كَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ وَالصَّغِيرِ، فَذَلِكَ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ لَكِنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي
اقْتِنَاءِ الْمَصَالِحِ
، وَتَقْيِيدِ الْأَكْفَاءِ خِيفَةً مِنْ الْفَوَاتِ وَاسْتِغْنَامًا لِلصَّلَاحِ الْمُنْتَظَرِ فِي الْمَالِ، وَلَيْسَ هَذَا كَتَسْلِيطِ الْوَلِيِّ عَلَى تَرْبِيَتِهِ وَإِرْضَاعِهِ وَشِرَاءِ الْمَلْبُوسِ وَالْمَطْعُومِ لِأَجَلِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا اخْتِلَافُ الشَّرَائِعِ الْمَطْلُوبِ بِهَا الْخَلْقُ.
أَمَّا النِّكَاحُ فِي حَالِ الصِّغَرِ فَلَا يُرْهِقُ إلَيْهِ تَوَقَانُ شَهْوَةٍ وَلَا حَاجَةُ تَنَاسُلٍ، بَلْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ
لِصَلَاحِ
الْمَعِيشَةِ بِاشْتِبَاكِ الْعَشَائِرِ وَالتَّظَاهُرِ بِالْأَصْهَارِ وَأُمُورٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهَا. أَمَّا مَا يَجْرِي مَجْرَى التَّتِمَّةِ لِهَذِهِ الرُّتْبَةِ فَهُوَ كَقَوْلِنَا: لَا تُزَوَّجُ الصَّغِيرَةُ إلَّا مِنْ كُفُؤٍ وَبِمَهْرِ مِثْلٍ، فَإِنَّهُ أَيْضًا مُنَاسِبٌ وَلَكِنَّهُ دُونَ أَصْلِ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ.
الرُّتْبَةُ الثَّالِثَةُ: مَا لَا يَرْجِعُ إلَى ضَرُورَةٍ وَلَا إلَى حَاجَةٍ وَلَكِنْ يَقَعُ مَوْقِعَ التَّحْسِينِ وَالتَّزْيِينِ وَالتَّيْسِيرِ لِلْمَزَايَا وَالْمَزَائِدِ وَرِعَايَةِ أَحْسَنِ الْمَنَاهِجِ فِي الْعَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ مِثَالُهُ: سَلْبُ الْعَبْدِ أَهْلِيَّةَ الشَّهَادَةِ مَعَ قَبُولِ فَتْوَاهُ وَرِوَايَتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ نَازِلُ الْقَدْرِ وَالرُّتْبَةِ ضَعِيفُ الْحَالِ وَالْمَنْزِلَةِ بِاسْتِسْخَارِ الْمَالِكِ إيَّاهُ فَلَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ التَّصَدِّي لِلشَّهَادَةِ.
أَمَّا سَلْبُ وِلَايَتِهِ فَهُوَ مِنْ مَرْتَبَةِ الْحَاجَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْمَصْلَحَةِ، إذْ وِلَايَةُ الْأَطْفَالِ تَسْتَدْعِي اسْتِغْرَاقًا وَفَرَاغًا، وَالْعَبْدُ مُسْتَغْرِقٌ بِالْخِدْمَةِ فَتَفْوِيضُ أَمْرِ الطِّفْلِ إلَيْهِ إضْرَارٌ بِالطِّفْلِ. أَمَّا الشَّهَادَةُ فَتَتَّفِقُ أَحْيَانًا كَالرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى وَلَكِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: سَلْبُ مَنْصِبَ الشَّهَادَةِ لِخَسَّةِ قَدْرِهِ لَيْسَ كَقَوْلِهِ سَلْبُ ذَلِكَ لِسُقُوطِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُشَمُّ مِنْهُ رَائِحَةُ مُنَاسَبَةٍ أَصْلًا وَهَذَا لَا يَنْفَكُّ عَنْ الِانْتِظَامِ لَوْ صَرَّحَ بِهِ الشَّرْعُ وَلَكِنْ تَنْتَفِي مُنَاسَبَتُهُ بِالرِّوَايَةِ وَالْفَتْوَى، بَلْ ذَلِكَ يَنْقُصُ عَنْ الْمُنَاسِبِ إلَى أَنْ يَعْتَذِرَ عَنْهُ، وَالْمُنَاسِبُ قَدْ يَكُونُ مَنْقُوصًا فَيُتْرَكُ أَوْ يُحْتَرَزُ عَنْهُ بِعُذْرٍ أَوْ تَقْيِيدٍ كَتَقْيِيدِ النِّكَاحِ بِالْوَلِيِّ لَوْ أَمْكَنَ تَعْلِيلُهُ بِفُتُورِ رَأْيِهَا فِي انْتِقَاءِ الْأَزْوَاجِ وَسُرْعَةِ الِاغْتِرَارِ بِالظَّوَاهِرِ لَكَانَ وَاقِعًا فِي الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي سَلْبِ عِبَارَتِهَا وَفِي نِكَاحِ الْكُفْءِ فَهُوَ فِي الرُّتْبَةِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ الْأَلْيَقَ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ اسْتِحْيَاءُ النِّسَاءِ عَنْ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِتَوَقَانِ نَفْسِهَا إلَى الرِّجَالِ، وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ، فَفَوَّضَ الشَّرْعُ ذَلِكَ إلَى الْوَلِيِّ حَمْلًا لِلْخَلْقِ عَلَى أَحْسَنِ الْمَنَاهِجِ.
وَكَذَلِكَ تَقْيِيدُ النِّكَاحِ بِالشَّهَادَةِ لَوْ أَمْكَنَ تَعْلِيلُهُ بِالْإِثْبَاتِ عِنْدَ النِّزَاعِ لَكَانَ مِنْ قَبِيلِ الْحَاجَاتِ، وَلَكِنَّ سُقُوطَ الشَّهَادَةِ عَلَى رِضَاهَا يُضَعِّفُ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ لِتَفْخِيمِ أَمْرِ النِّكَاحِ وَتَمْيِيزِهِ عَنْ السِّفَاحِ بِالْإِعْلَانِ وَالْإِظْهَارِ عِنْدَ مَنْ لَهُ رُتْبَةٌ وَمَنْزِلَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَلْيَلْحَقْ بِرُتْبَةِ التَّحْسِينَاتِ.
وَإِذَا عُرِفَتْ هَذِهِ الْأَقْسَامُ فَنَقُولُ الْوَاقِعُ فِي الرُّتْبَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِهِ إنْ لَمْ يَعْتَضِدْ بِشَهَادَةِ أَصْلٍ إلَّا أَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى وَضْعِ الضَّرُورَاتِ، فَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الشَّرْعُ بِالرَّأْيِ، فَهُوَ كَالِاسْتِحْسَانِ. فَإِنْ اعْتَضَدَ بِأَصْلٍ فَذَاكَ قِيَاسٌ وَسَيَأْتِي أَمَّا الْوَاقِعُ فِي رُتْبَةِ الضَّرُورَاتِ فَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ، وَمِثَالُهُ: أَنَّ الْكُفَّارَ إذَا تَتَرَّسُوا بِجَمَاعَةٍ مِنْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ كَفَفْنَا عَنْهُمْ لَصَدَمُونَا وَغَلَبُوا عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَتَلُوا كَافَّةَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ رَمَيْنَا التُّرْسَ لَقَتَلْنَا مُسْلِمًا مَعْصُومًا لَمْ يُذْنِبْ ذَنْبًا وَهَذَا لَا عَهْدَ بِهِ فِي الشَّرْعِ، وَلَوْ كَفَفْنَا لَسَلَّطْنَا الْكُفَّارَ عَلَى جَمِيعِ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست