responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 168
فَلْيَحْكُمْ بِهَا. وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا مَنْ نَسَبَهُ إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَتُعَارِضُهُ الْآيَاتُ السَّابِقَةُ. ثُمَّ الْمُرَادُ بِالنُّورِ وَالْهُدَى أَصْلُ التَّوْحِيدِ وَمَا يَشْتَرِكُ فِيهِ النَّبِيُّونَ دُونَ الْأَحْكَامِ الْمُعَرَّضَةِ لِلنَّسْخِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ أَرَادَ النَّبِيِّينَ فِي زَمَانِهِ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ، ثُمَّ هُوَ عَلَى صِيغَةِ الْخَبَرِ لَا عَلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ. ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حُكْمَ النَّبِيِّينَ بِهَا بِأَمْرٍ ابْتَدَأَهُمْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى وَحْيًا إلَيْهِمْ لَا بِوَحْيِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
الْآيَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِ التَّوْرَاةِ وَأَحْكَامِهَا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] قُلْنَا: الْمُرَادُ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مُكَذِّبًا بِهِ وَجَاحِدًا لَهُ لَا مَنْ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً أَوْ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مِمَّنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِهِ مِنْ أُمَّتِهِ وَأُمَّةِ كُلِّ نَبِيٍّ إذَا خَالَفَتْ مَا أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّهِمْ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ: يَحْكُمُ بِمِثْلِهَا النَّبِيُّونَ، وَإِنْ كَانَ بِوَحْيٍ خَاصٍّ إلَيْهِمْ لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَأَوَّلُهَا: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طُلِبَ مِنْهُ الْقِصَاصُ فِي سِنٍّ كُسِرَتْ، فَقَالَ: كِتَابُ اللَّهِ يَقْضِي بِالْقِصَاصِ» وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ قِصَاصُ السِّنِّ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ التَّوْرَاةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة: 45] . قُلْنَا: بَلْ فِيهِ {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14] » وَهَذَا خِطَابٌ مَعَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
قُلْنَا: مَا ذَكَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْلِيلًا لِلْإِيجَابِ، لَكِنْ أَوْجَبَ بِمَا أُوحِيَ إلَيْهِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُمْ أُمِرُوا كَمَا أُمِرَ مُوسَى وَقَوْلُهُ {لِذِكْرِي} [طه: 14] أَيْ: لِذِكْرِ إيجَابِي لِلصَّلَاةِ، وَلَوْلَا الْخَبَرُ لَكَانَ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقَلْبِ أَوْ لِذِكْرِ الصَّلَاةِ بِالْإِيجَابِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: مُرَاجَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّوْرَاةَ فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ تَكْذِيبًا لَهُمْ فِي إنْكَارِ الرَّجْمِ إذْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يُرَاجِعَ الْإِنْجِيلَ فَإِنَّهُ آخِرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، فَلِذَلِكَ لَمْ يُرَاجَعْ فِي وَاقِعَةٍ سِوَى هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْأَصْلُ الثَّانِي مِنْ الْأُصُولِ الْمَوْهُومَةِ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ]
ِّ. وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ مَذْهَبَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ مُطْلَقًا، وَقَوْمٌ إلَى أَنَّهُ حُجَّةٌ إنْ خَالَفَ الْقِيَاسَ، وَقَوْمٌ إلَى أَنَّ الْحُجَّةَ فِي قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ خَاصَّةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي» وَقَوْمٌ إلَى أَنَّ الْحُجَّةَ فِي قَوْلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إذَا اتَّفَقُوا.
وَالْكُلُّ بَاطِلٌ عِنْدَنَا فَإِنَّ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْغَلَطُ وَالسَّهْوُ وَلَمْ تَثْبُتْ عِصْمَتُهُ عَنْهُ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِ، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِقَوْلِهِمْ مَعَ جَوَازِ الْخَطَأِ؟ وَكَيْفَ تُدَّعَى عِصْمَتُهُمْ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ مُتَوَاتِرَةٍ؟ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ عِصْمَةُ قَوْمٍ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ الِاخْتِلَافُ؟ وَكَيْفَ يَخْتَلِفُ الْمَعْصُومَانِ؟ كَيْفَ وَقَدْ اتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى جَوَازِ مُخَالَفَةِ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، بَلْ أَوْجَبُوا فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ عَلَى كُلِّ مُجْتَهِدٍ أَنْ يَتَّبِعَ اجْتِهَادَ نَفْسِهِ؟ فَانْتِفَاءُ الدَّلِيلِ عَلَى الْعِصْمَةِ وَوُقُوعُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ وَتَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ مُخَالَفَتِهِمْ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَدِلَّةٍ قَاطِعَةٍ وَلِلْمُخَالِفِ خَمْسُ شُبَهٍ:
الشُّبْهَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُمْ: وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عِصْمَتُهُمْ، فَإِذَا تَعَبَّدْنَا بِاتِّبَاعِهِمْ لَزِمَ الِاتِّبَاعُ، كَمَا أَنَّ الرَّاوِيَ الْوَاحِدَ لَمْ تَثْبُتْ عِصْمَتُهُ لَكِنْ لَزِمَ اتِّبَاعُهُ لِلتَّعَبُّدِ بِهِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ» وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الْخِطَابَ مَعَ عَوَامِّ أَهْلِ عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست