responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 161
حَالَ الْوُجُودِ لَكَانَ الْمُخَالِفُ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ كَمَا أَنَّ الْمُخَالِفَ فِي انْقِطَاعِ الصَّلَاةِ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ خَارِقٌ لِلْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَمْ يَنْعَقِدْ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْهُبُوبِ وَانْعَقَدَ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْمَاءِ، فَإِذَا وُجِدَ فَلَا إجْمَاعَ، فَيَجِبُ أَنْ يُقَاسَ حَالُ الْوُجُودِ عَلَى حَالِ الْعَدَمِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ بِعِلَّةٍ جَامِعَةٍ، فَأَمَّا أَنْ يُسْتَصْحَبَ الْإِجْمَاعُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ مُحَالٌ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْعَقْلَ دَلَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدُلَّ السَّمْعُ فَلَا يَبْقَى لَهُ دَلَالَةٌ مَعَ وُجُودِ دَلِيلِ السَّمْعِ، وَهَاهُنَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ بِشَرْطِ الْعَدَمِ وَانْتَفَى الْإِجْمَاعُ عِنْدَ الْوُجُودِ أَيْضًا فَهَذِهِ الدَّقِيقَةُ وَهِيَ أَنَّ كُلَّ دَلِيلٍ يُضَادُّ نَفْسَ الْخِلَافِ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِصْحَابُهُ مَعَ الْخِلَافِ، وَالْإِجْمَاعُ يُضَادُّهُ نَفْسُ الْخِلَافِ إذْ لَا إجْمَاعَ مَعَ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الْعُمُومِ وَالنَّصِّ وَدَلِيلِ الْعَقْلِ فَإِنَّ الْخِلَافَ لَا يُضَادُّهُ، فَإِنَّ الْمُخَالِفَ مُقِرٌّ بِأَنَّ الْعُمُومَ تَنَاوَلَ بِصِيغَتِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ، إذْ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ» شَامِلٌ بِصِيغَتِهِ صَوْمَ رَمَضَانَ مَعَ خِلَافِ الْخَصْمِ فِيهِ فَيَقُولُ: أُسَلِّمُ شُمُولَ الصِّيغَةِ لَكِنِّي أُخَصِّصُهُ بِدَلِيلٍ، فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ.
وَهَاهُنَا الْمُخَالِفُ لَا يُسَلِّمُ شُمُولَ الْإِجْمَاعِ مَحَلَّ الْخِلَافِ، إذْ يَسْتَحِيلُ الْإِجْمَاعُ مَعَ الْخِلَافِ وَلَا يَسْتَحِيلُ شُمُولُ الصِّيغَةِ مَعَ الدَّلِيلِ، فَهَذِهِ الدَّقِيقَةُ لَا بُدَّ مِنْ التَّنَبُّهِ لَهَا. فَإِنْ قِيلَ: الْإِجْمَاعُ يُحَرِّمُ الْخِلَافَ فَكَيْفَ يَرْتَفِعُ بِالْخِلَافِ؟ قُلْنَا: هَذَا الْخِلَافُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْمُخَالِفُ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ إنَّمَا انْعَقَدَ عَلَى حَالَةِ الْعَدَمِ لَا عَلَى حَالَةِ الْوُجُودِ، فَمَنْ أَلْحَقَ الْوُجُودَ بِالْعَدَمِ فَعَلَيْهِ الدَّلِيلُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَالدَّلِيلُ الدَّالُ عَلَى صِحَّةِ الشُّرُوعِ دَالٌ عَلَى دَوَامِهِ إلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى انْقِطَاعِهِ. قُلْنَا: فَلْيَنْظُرْ فِي ذَلِكَ الدَّلِيلِ أَهُوَ عُمُومٌ أَوْ نَصٌّ يَتَنَاوَلُ حَالَةَ الْوُجُودِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْإِجْمَاعَ فَالْإِجْمَاعُ مَشْرُوطٌ بِالْعَدَمِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا عِنْدَ الْوُجُودِ. فَإِنْ قِيلَ: بِمَ تُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ: الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ دَامَ إلَى وُجُودٍ قَاطِعٍ فَلَا يَحْتَاجُ الدَّوَامُ إلَى دَلِيلٍ فِي نَفْسِهِ، بَلْ الثُّبُوتُ هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الدَّلِيلِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ مَوْتَ زَيْدٍ وَثَبَّتَ بِنَاءَ دَارٍ أَوْ بَلَدٍ كَانَ دَوَامُهُ بِنَفْسِهِ لَا بِسَبَبٍ؟ قُلْنَا: هَذَا وَهْمٌ بَاطِلٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ جَازَ أَنْ يَدُومَ وَأَنْ لَا يَدُومَ فَلَا بُدَّ لِدَوَامِهِ مِنْ سَبَبٍ وَدَلِيلٍ سِوَى دَلِيلِ الثُّبُوتِ، وَلَوْلَا دَلِيلُ الْعَادَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ لَا يَحْيَا وَالدَّارُ إذَا بُنِيَتْ لَا تَنْهَدِمُ مَا لَمْ تُهْدَمْ أَوْ يَطُلْ الزَّمَانُ لَمَا عَرَفْنَا دَوَامَهُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِهِ، كَمَا إذَا أَخْبَرَ عَنْ قُعُودِ الْأَمِيرِ وَأَكْلِهِ وَدُخُولِ الدَّارِ وَلَمْ تَدُلَّ الْعَادَةُ عَلَى دَوَامِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَإِنَّا لَا نَقْضِي بِدَوَامِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَصْلًا، فَكَذَلِكَ خَبَرُ الشَّرْعِ عَنْ دَوَامِ الصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ لَيْسَ خَبَرًا عَنْ دَوَامِهَا مَعَ الْوُجُودِ فَيَفْتَقِرُ دَوَامُهَا إلَى دَلِيلٍ آخَرَ.
فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ هُوَ مَأْمُورًا بِالشُّرُوعِ فَقَطْ بَلْ بِالشُّرُوعِ مَعَ الْإِتْمَامِ. قُلْنَا: نَعَمْ هُوَ مَأْمُورٌ بِالشُّرُوعِ مَعَ الْعَدَمِ وَبِالْإِتْمَامِ مَعَ الْعَدَمِ، أَمَّا مَعَ الْوُجُودِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ فِي حَالَةِ الْوُجُودِ بِالْإِتْمَامِ؟ فَإِنْ قِيلَ، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ وَفِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ إبْطَالُ الْعَمَلِ. قُلْنَا: هَذَا الْأَمْرُ انْجِرَارٌ إلَى مَا جَرَرْنَاكُمْ إلَيْهِ وَانْقِيَادٌ لِلْحَاجَةِ إلَى الدَّلِيلِ، وَهَذَا الدَّلِيلُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَبَيَانُ ضَعْفِهِ لَيْسَ مِنْ حَظِّ الْأُصُولِيِّ.
ثُمَّ هُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَدْتُمْ بِالْبُطْلَانِ إحْبَاطَ ثَوَابِهِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ فَلَيْسَ الصِّحَّةُ عِبَارَةً عَمَّا لَا يَجِبُ فِعْلُ مِثْلِهِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ.
فَإِنْ قِيلَ: الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست