responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 150
الصَّحَابَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْدَ مَوْتِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِيس ذَلِكَ إلَّا لِأَنَّ الْمَاضِيَ لَا يُعْتَبَرُ وَالْمُسْتَقْبِلُ لَا يُنْتَظَرُ وَأَنَّ وَصْفَ كُلِّيَّةِ الْأُمَّةِ حَاصِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْجُودِينَ فِي كُلِّ وَقْتٍ.
وَأَمَّا إجْمَاعُ التَّابِعِينَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: يَصِيرُ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ مَهْجُورًا لِأَنَّهُمْ كُلُّ الْأُمَّةِ وَإِنْ سَلَّمْنَا - وَهُوَ الصَّحِيحُ - فَنَقُولُ: إنْ اتَّفَقُوا عَلَى وَفْقِ قَوْلِهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ؛ إذْ مُوَافَقَتُهُ إنْ لَمْ تُقَوِّ الْإِجْمَاعَ فَلَا تَقْدَحُ فِيهِ، وَإِنْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ فَلَا يَصِيرُ ذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَنَا مَهْجُورًا حَتَّى يُحَرَّمَ عَلَى تَابِعِي التَّابِعِينَ مُوَافَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَفْتَى فِي الْمَسْأَلَةِ فَلَيْسَ فَتْوَى التَّابِعِينَ فِيهَا فَتْوَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ بَلْ فَتْوَى الْبَعْضِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنْ ثَبَتَ نَعْتُ الْكُلِّيَّةِ لِلتَّابِعِينَ فَلْيَكُنْ خِلَافُ قَوْلِهِمْ بَعْدَهُمْ حَرَامًا وَإِنْ قَالَ بِهِ صَحَابِيٌّ قَبْلَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كُلَّ الْأُمَّةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَقُومَ الْحُجَّةُ بِإِجْمَاعِهِمْ وَلَا يُحَرَّمُ خِلَافُهُمْ؛ إذْ خِلَافُ بَعْضِ الْأُمَّةِ لَيْسَ بِحَرَامٍ، أَمَّا أَنْ تَكُونَ كُلِّيَّةُ الْأُمَّةِ فِي شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ فَهَذَا مُتَنَاقِضٌ وَجَمْعٌ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ.
قُلْنَا: لَيْسَ بِمُتَنَاقِضٍ؛ لِأَنَّ الْكُلِّيَّةَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي خَاضُوا فِيهَا، فَإِذَا نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ فَالتَّابِعُونَ فِيهَا كُلُّ الْأُمَّةِ إذَا أَجْمَعُوا فِيهَا، أَمَّا مَا أَفْتَى فِيهَا الصَّحَابِيُّ فَفَتْوَاهُ وَمَذْهَبُهُ لَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ. وَهَذَا كَالصَّحَابِيِّ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْفَتْوَى وَأَجْمَعَ الْبَاقُونَ عَلَى خِلَافِهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْ الْأُمَّةِ، وَلَوْ مَاتَ ثُمَّ نَزَلَتْ وَاقِعَةٌ بَعْدَهُ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى كُلِّ مَذْهَبٍ وَتَكُونُ الْكُلِّيَّةُ حَاصِلَةً بِالْإِضَافَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَ فِي الْأُمَّةِ غَائِبٌ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ دُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْغَائِبِ خَبَرٌ مِنْ الْوَاقِعَةِ وَلَا فَتْوَى فِيهَا، لَكِنْ نَقُولُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَكَانَ لَهُ قَوْلٌ فِيهَا فَلَا بُدُّ مِنْ مُوَافَقَتِهِ، فَلْيَكُنْ الْمَيِّتُ قَبْلَ التَّابِعِينَ كَالْغَائِبِ. قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ دُونَهُ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي الْحَالِ ذُو مَذْهَبٍ وَرَأْيٍ بِالْقُوَّةِ فَتُمْكِنُ مُوَافَقَتُهُ وَمُخَالَفَتُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَافِقَ أَوْ يُخَالِفَ إذَا عُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ لَا بِالْقُوَّةِ وَلَا بِالْفِعْلِ بَلْ الْمَجْنُونُ وَالْمَرِيضُ الزَّائِلُ الْعَقْلِ وَالطِّفْلُ لَا يُنْتَظَرُ لِأَنَّهُ بَطَلَ مِنْهُ إمْكَانُ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ التَّابِعُونَ يَنْدَفِعُ بِخِلَافِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا نُقِلَ، فَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ فَلَعَلَّهُ خَالَفَ، وَلَكِنْ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا، فَلَا يُسْتَيْقَنُ إجْمَاعُ كُلِّ الْأُمَّةِ. قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالْمَيِّتِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ إمْكَانَ خِلَافِهِ لَا يَكُونُ كَحَقِيقَةِ خِلَافِهِ. وَهَذَا التَّحْقِيقُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ فُتِحَ بَابُ الِاحْتِمَالِ لَبَطَلَتْ الْحُجَجُ؛ إذْ مَا مِنْ حُكْمٍ إلَّا وَيُتَصَوَّرُ تَقْدِيرُ نَسْخِهِ وَانْفِرَادُ الْوَاحِدِ بِنَقْلِهِ وَمَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُنْقَلَ إلَيْنَا، فَيَبْطُلُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَضْمَرَ الْمُخَالَفَةَ، وَإِنَّمَا أَظْهَرَ الْمُوَافَقَةَ لِسَبَبٍ وَيُرَدُّ خَبَرُ الْوَاحِدِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا.
وَإِذَا عُرِفَ الْإِجْمَاعُ وَانْقَرَضَ الْعَصْرُ أَمْكَنَ رُجُوعُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا، فَيَبْطُلُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَشْتَرِطُ انْقِرَاضَ الْعَصْرِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النَّسْخِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ. قُلْنَا: وَالْأَصْلُ عَدَمُ خَوْضِهِ فِي الْوَاقِعَةِ وَعَدَمُ الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ جَمِيعًا، وَمَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ فَالِاحْتِمَالُ لَا يَنْتَفِي، وَإِذَا ثَبَتَ الِاحْتِمَالُ حَصَلَ الشَّكُّ فَيَصِيرُ الْإِجْمَاعُ غَيْرَ مُسْتَيْقَنٍ مَعَ الشَّكِّ، وَلَكِنْ يُقَالُ: لَا يَنْدَفِعُ الْإِجْمَاعُ بِكُلِّ شَكٍّ.
فَإِنْ قِيلَ: فِي مَسْأَلَةِ تَجْوِيزِ النَّسْخِ وَتَجْوِيزِ الرُّجُوعِ شَكٌّ بَعْدَ اسْتِيقَانِ أَصْلِ الْحُجَّةِ وَإِنَّمَا

نام کتاب : المستصفى نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 150
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست