وأما المقام الثاني وهو سبب الكذب فاعلم أن ذلك إما أن يكون من جهة السلف أو من جهة الخلف أما السلف فهم منزهون عن تعمد الكذب إلا أنه لو وقع لوقع ذلك لوقع على وجوه أحدها أن يكون الراوي يرى نقل الخبر بالمعنى فيبدل مكان اللفظ اخر لا يطابقه في معناه وهو يرى أنه يقوم مقامه وثانيها
أنهم لا يكتبون الحديث في الغالب فإذا قدم العهد فربما نسي اللفظ فأبدل به لفظا اخر وهو يرى أن ذلك اللفظ هو المسموع وربما نسي زيادة يصح بها الخبر وثالثها ربما أدرك الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يروي متن الخبر ولم يذكر إسناده إلى غيره فيظن أن الخبر من جهته صلى الله عليه وسلم ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يستأنف الحديث إذا أحس بداخل ليكمل له ومن ذلك ما وري أنه عليه الصلاة والسلام قال الشؤم في ثلاثة المرأة والدار والفرس فقالت عائشة رضي الله عنها إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك حكاية عن غيره