الباب الثالث في الخبر الذي يقطع بكونه كذبا وهو أربعة الأول الخبر الذي ينافي مخبره وجود ما علم بالضرورة سواء كان المعلوم بالضرورة حسيا أو وجدانيا أو بديهيا ومن هذا الباب قول القائل الذي لم يكذب قط أنا كاذب فهذا الخبر كذب لأن المخبر عنه بكونه كاذبا إما أن تكون الأخبار التي وجدت قبل هذا الخبر أو هذا الخبر والأول باطل لأن تلك الأخبار ما كانت كذبا فإخباره عن نفسه بكونه كاذبا فيها كذب والثاني باطل لأن الخبر عن الشئ يتأخر في الرتبة عن المخبر عنه فإن جعلنا الخبر عين المخبر عنه لزم تأخر الشئ عن نفسه في الرتبة وهو محال الثاني
الخبر الذي يكون مخبره على خلاف الدليل القاطع ثم ذلك الخبر إما أن يحتمل تأويلا صحيحا أو لا يحتمله فإن احتمله فإما أن يحتمل تأويلا قريبا أو تأويلا متعسفا فإن كان قريبا جاز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تكلم به لإرادة ذلك