سلمنا ذلك لكن لا يلزم من قولنا القرائن تفيد العلم قولنا إنها هي المفيدة وبتقدير أن تكون هي المفيدة فلم قلت يجوز انفكاك خبر التواتر عنها وعن الثالث أن خبر الواحد إنما يفيد العلم لا لذاته فقط بل بمجموع القرائن فمتى حصل ذلك المجموع مع أي خبر كان أفاد العلم
وأيضا فالعلم الحاصل عقيب خبر التواتر عندكم حاصل بالعادة فيجوز أيضا أن يكون حصوله عقيب القرائن بالعادة وإذا كان كذلك جاز أن تكون هذه العادة مختلفة وإن كانت مطردة في التواتر والمختار أن القرينة قد تفيد العلم إلا القرائن لا تفي العبارات بوصفها فقد تحصل أمور يعلم بالضرورة عند العلم بها كون الشخص خجلا أو وجلا مع أنا لو حاولنا التعبير عن جميع تلك الأمور لعجزنا عنه والإنسان إذا أخبر عن كونه عطشانا فقد يظهر على وجهه ولسانه من أمارات العطش ما يفيد العلم بكونه صادقا والمريض إذا أخبر عن ألم في بعض أعضائه مع أنه يصيح وترى عليه علامات ذلك الألم ثم إن الطبيب يعالجه بعلاج لو لم يكن المريض صادقا في قوله لكان ذلك العلاج قاتلا له فها هنا يحصل العلم بصدقه وبالجملة فكل من استقرأ العرف عرف أن مستند اليقين في الأخبار ليس إلا القرائن فثبت إن الذي قاله النظام حق