وأيضا فيلزم أن لا يكون خبر التواتر بوجود نوح وإبراهيم وإدريس وغيرهم مفيدا للعلم لأنه لا يفيد ما لم يثبت استواء الطرفين والواسطة في نقل الرواة وذلك لا يثبت إلا بأنه لو كان موضوعا لاشتهر الواضع وزمان الوضع فإذا لم يجب ذلك عند تطاول المدة لم يفد ذلك الخبر العلم سلمنا أن ما ذكرته يدل على أن خبر التواتر يفيد العلم لكن معنا ما يبطله من وجوه الأول لو أفاد خبر التواتر العلم لأفاد إما علما ضروريا أو نظريا والقسمان باطلان فالقول بالإفادة باطل إنما قلنا إنه لا يفيد علما ضروريا لأن العلم الضروري هو الذي لا يلزم من وقع الشك في غيره من القضايا وقوعه فيه وها هنا يلزم من وقوع الشك في غير هذه القضية وقوعه فيها لأنا لو جوزنا أن يكذبوا لا لغرض أو لغرض من رهبة أو رغبة أو لوقوع التباس فإن مع استحضار الشك في هذه المقدمات لم يمكن الجزم بأن الأمر كما أخبروا عنه
وإذا كان كذلك لم يكن هذا العلم ضروريا ولا جائز أن يكون نظريا لأن النظر في الدليل لا يتأتى للصبيان