وعن الثاني
نسلم أن استقراء العادة يفيد ظنا قويا بأن الخلق العظيم لا يتفقون على أكل طعام معين في زمان معين لكن لا نسلم حصول اليقين التام بذلك كيف وذلك جائز على كل واحد منهم وصدوره من كل واحد منهم لا يمنع صدوره عن الباقي فيكون صدوره عن كلهم كصدوره عن كل واحد منهم ومع هذه الحجة اليقينية على الجوار كيف تدعى ضرورة الامتناع سلمنا أنه لا بد من غرض سوى كونه كذبا فلم قلت إن ذلك الغرض إما أن يكون دينيا أو دنيويا أو رغبة او رهبه منه وما الدليل القاطع على الحصر سلمناه فلم لا يجوز أن يكون دينيا قوله حرمة الكذب متفق عليها قلنا مطلقا لا نسلم فإن كثيرا من الناس يعتقد أن الكذب المفضى إلى حصول مصلحة في الدين جائز ولذلك نرى جمعا من الزهاد وضعوا أشياء كثيرة من الأحاديث في فضائل الأوقات وزعموا أن غرضهم منه حمل الناس على العبادات وإذا كان كذلك فلعلهم اتفقوا على الكذب لما أنهم اعتقدوا فيه حصول مصلحة دينية وإن كان الأمر بخلاف ما تخيلوه سلمنا أنه ليس الغرض دينيا فلم لا يجوز أن يكون لرغبة دنيوية قوله الرغبة إما أخذ المال أو إسماع الغير كلاما غريبا