والذي يدل على فساد قول عباد بن سليمان أن دلالة الألفاظ لو كانت ذاتية لما اختلفت باختلاف النواحي والأمم ولاهتدى: كل انسان إلى كل لغة وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم واحتج عباد بأنه لو لم يكن بين الأسماء والمسميات مناسبة بوجه ما لكان تخصيص الاسم المعين بالمسمى المعين ترجيحا لأحد طرفي الجائز على الآخر من غير مرجح وهو محال وإن حصلت بينهما مناسبة فذلك هو المطلوب والجواب إن كان الواضع هو الله تعالى كان تخصيص الاسم المعين بالمسمى المعين كتخصيص وجود العالم بوقت مقدر دون ما قبله أو ما بعده وان كان الناس فيحتمل أن يكون السبب خطور ذلك اللفظ في ذلك الوقت بالبال دون غيره كما قلنا في تخصيص كل شخص بعلم خاص من غير أن يكون بينهما مناسبة وأما الذي يدل على إمكان الأقسام الثلاثة فهو أن الله تعالى قادر على أن يخلق فيهم علما ضروريا بالألفاظ والمعاني وبأن واضعا وضع تلك الألفاظ لتلك المعاني وعلى هذا التقدير تكون اللغات توقيفية