نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 461
فردَّ منهم ولو كان أعلمهم فلا يقال فيه عمل, ولا يترك له الحديث الثابت, بل يتعيّن العمل بالحديث، ومن هذا قضية القبض, وهو وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة, ثبتت به الأحاديث الصحاح السالمة من الطعن في الموطأ وغيرها, وكل من وصف صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فإما نصَّ على القبض, أو سكت ولم يقل قبض ولا سدل، والساكت عنهما ليس بنص ولا ظاهر في السدل، فجاء بعض المتأخرين مستدلًا بأن عبد الله الكامل[1] سدل ورام أن يجعله عملًا مدنيًّا وهيهات هيهات، وهذا سلاح استعمله متأخرو المالكية مهما لم يجدوا في الحديث مطعنًا, ادعوا العمل ولا ينبغي ذلك لهم في دين الله، فإن مالكًا ليس بمعصوم عن الخطأ ولا المدونة كمصحف منزل، وكم من حديث لم يعرف مالك وصح عند غيره، والإنصاف في دين الله أسلم من الاعتساف، ولو كان في ذلك عمل متقرر لنص عليه في الموطأ كعادته, فالعمل إذا نصَّ عليه في الموطأ أو المدونة أو نحوهما من الكتب الثابتة فعمل مقبول يستدل به المالكي بملء شدقيه، أما مجرد مخالفة مالك في المدونة أو غيرها للحديث فلا دليل فيه على العمل أصلًا, بل هي دعوى, وإلى الله الشكوى. [1] أبو سالم عبد الله الكامل الأمراني العلوي الحسني، ت 1321، ترجم له المؤلف في القسم الرابع في المالكية. قول الصحابي:
اعلم أن عمل المدينة الاجتهادي لا النقلي له ارتباط وانبناء على العمل بقول الصحابي, فقد احتج به مالك كما سبق, وهو من أصول مذهبه، لكن إن صحَّ سنده وكان من أعلام الصحابة، كالخلفاء، أو معاذ، أو أُبَيّ، أو ابن عمر، أو ابن عباس، أو نظرائهم؛ لأنه يكون عند اجتهاد أو توقيف، ويشترط أن لا يخالف الحديث المرفوع الصالح للحجية، وإلّا فالحديث مقدَّم لا القياس، وقد بالغ الغزالي في المستصفى في الرد لهذا الأصل مستدلًا بأن الصحابة ليسوا محل العصمة ويجوز عليهم الغلط, فلا ينتج قولهم ما يقطع به في الحجية وأطال في ذلك، وهو كلام مردود, فإنا لم ندع العصمة لهم, ولا أن قولهم مما يقطع به, وإنما هو من جملة الأدلة الشرعية التي تفيد الظن؛ لأنه لا يكون من هؤلاء الأعلام إلا ما كان عن توقيف, وهذا واجب الاتباع, أو عن اجتهادهم واجتهادهم أولى بالصواب
نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 461