responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي    جلد : 1  صفحه : 337
ترجمة معاوية بن أبي سفيان الأموي:
الخليفة السادس في الإسلام, بويع البيعة العامَّة عام إحدى وأربعين، وكان إسلامه قبل الفتح, وإنما أظهره في الفتح، وكان من الكتبة الحسبة الفصحاء, حليمًا وقورًا ذا عقل رصين ودهاء مكين، وكفاه أن توصّل به وبجده وسابق القدر للخلافة, مع وجود علي وسعد بن أبي وقاص من أهل الشورى, وابن عمر وأمثالهم، وكان وجيهًا في الإسلام إذ كتب للنبي -صلى الله عليه وسلم, وولاه عمر الشام، ثم أقرَّه عثمان، ولم يبايع عليًّا بل حاربه, ثم استقلّ بالخلافة لما تنازل الحسن عنها له, ولمَّ شعث الإسلام وجمع الكلمة بعد الفرقة, وسكَّن الثائرة, وأعاد مجد الإسلام غزوًا وفتحًا وعظمة، عاش عشرين سنة خليفة، وعشرين سنة قبلها واليًا، ثم مستبدًا, ومن فقهه ما في الصحيح عن عكرمة, قلت لابن عباس: إن معاوية أوتر بركعة؟ قال: إنه فقيه[1].
وخطب الناس بالمدينة فأمرهم بإخراج صدقة الفطر, وأفتاهم أن يخرجوا من القمح نصف صاع أو صاعًا من شعيرًا أو تمر[2]، وبه أخذ الحنفية فصارت زكان الفطر تُقوَّم عندهم.
قال ابن عباس: ما رأيت أحدًا أحلى للملك من معاوية, وكان رزقه أيام عمر ألف دينار في كل سنة, فكان رزقه أعظم من رزق الخليفة وغيره بكثير، ومن أقبح ما يذكر في تاريخه سبَّه لعلي -رضي اله عنه, ولولا أنه في صحيح مسلم ما صدقت بوقوعه منه, وما أدري ما وجه اجتهاده فيه, حتى كانت سنة من بعده, والله يغفر له, وليست العصمة إلا للأنبياء.
وهو أوّل من صيَّر الخلافة ملكًا وراثيًّا, وسنَّ السلطة الشخصية في الإسلام؛ إذ جعل ولده ولي عهده، وما كانت قبله إلّا شورى بالاستحقاق، وكان الخليفة شوريًّا مقيدًا، فصار هو مطلقًا، فهو أول من سنَّ الإطلاق وهدم أساس الشورى التي كانت موجودة في الإسلام ولم يتم نظامها، فهدم مبادئ الديمقراطية وأسَّس بيت الملك بعدما كانت خلافة عن الرسول في إقامة العدل بمعونة الشورى، فصيرها عصبية استبدادية في بيت بني أمية, وأمات ما كان في الأمة من حياة الديمقراطية والشورى، وخدَّرها بسطوة الملك والعصبية، فبقيت به نائمة إلى الآن.
وهو الذي أسَّس دولة الأمويين العظمى التي هي أعظم دولة للإسلام في المشرق، وعنها تكونت دولة الأمويين في الأندلس التي هي أعظم دولة إسلامية في الغرب، ونال ذلك بفضله وعلمه وحلمه وفصاحته وجوده وحسن تدبيره وسياسته، ولا تنكر له فتوحات وخدمات في الإسلام -رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، توفي سنة "60" ستين3.

[1] البخاري في فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم, باب ذكر معاوية -رضي الله عنه "5/ 35".
[2] رواه أبو سعيد الخدري، متفق عليه: البخاري "2/ 162"، ومسلم "3/ 69".
3معاوية بن أبي سفيان الأموي: الإصابة "6/ 151"، والاستيعاب "3/ 1416"، وأسد الغابة "4/ 385".
نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي    جلد : 1  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست