نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 216
والتدين، في باب المعاملات.
وقد سألني الصدر الأعظم بتونس -حفظه الله- عن هذه المسألة قائلًا: إن اليهود ثم الأوروبيين استحوذوا على تجارة العالم لعدم تعرض شريعتهم لهم في معاملاتهم, فهل من رخصة للمسلمين كي يخرجوا مما هم فيه من الضيق المؤدي للفقر والهلاك؟ فأجبته: إن اليهود نبذوا شريعتهم وإلّا فهي تنهاهم عن الربا, أما نحن ففتح الباب على مصراعيه نبذ للشريعة. لكن كل مسألة ينظر لها رخصة, فإن وجدت في مذهب فيترخّص للضرورة[1] وإلا فلا. هذا ملخص جوابي له فاقتنع به. [1] ولكن هذا الباب ألّا يفتح أبدًا، حتى لا تتلاعب "الصدرو العظمى" وسائر الولاة والحكام بشرع الله, وإلا فإنهم لن يعوزهم العثور على علماء السوء الذين يستخرجون لهم شذوذات المذاهب وغرائبها ما يبيحون لهم بها كل شيء، والضرورة لا مقياس لها على وجه الدقة في زمان الفتنة، والترخص كذلك، فالأَوْلَى أن يكون الميزان هو "الحجة والبرهان" من أصول الشريعة المعروفة "الكتاب والسنة والإجماع والقياس"، والحق أحق أن يتبع.
وغريب أن يعد المصنف القياس والاستحسان من أسباب التضييق, مع أن الفقهاء إنما لجأوا إليهما للتوسعة على الأمة فيما لم ترد به النصوص وهي قليلة، أو عندما تقع المصالح في الحرج، وأكثر من استخدام هذين الأصلين الحنفية؛ لذلك كان فقههم غنيًّا بالتفريعات وبالاستنباط، كما اعتنى المالكية بقاعدة المصالح المرسلة، وكل ذلك من أسباب التوسعة والتيسير.
الذكاة والصيد:
غير خفي أن للذكاة عندنا حكمًا وسطًا بين إفراط اليهود وتفريط النصارى، فالأول لا يذبح لهم إلّا رئيس ديني بسكين بالغة الحد في التحديد، وفي مرة واحدة يمرها. ولا يخفى ما في ذلك من التضيق, والآخرون فرَّطوا حتى قتلوا عنق الدجاجة من غير إسالة دم، أما عندنا "فما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر" كما في الصحيح[1], فكل مميز يناكح يذكى، ولو يهوديًّا أو نصرانيًّا، ولو امرأة، حضريًّا أو بدويًّا، وكل محدد يفري الودجين تصح به الذكاة ولو حجرًا أو قصبًا إلّا السن والظفر، أما الصيد فإصابته بمحدد في أي موضوع, أو بناب كل معلَّم بنية في الكل, والمحرم عندنا هو المذكور في المائدة التي نزلت في السنة العاشرة, وهي آخر ما نزل من السور. قال تعالى: {حُرِّمَتْ [1] سَبَقَ تخريجه.
نام کتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي نویسنده : الحجوي جلد : 1 صفحه : 216