responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 8
فَيَقُولُونَ: يَا دَلِيلَ الْمُتَحَيِّرِينَ، يَا هَادِيَ الْمُضَلِّينَ.
وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 54] يَعْنِي يَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ النَّاسُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ دَلَّنَا عَلَى نَفْسِهِ بِآثَارِ صَنْعَتِهِ. فَيُقَيِّدُونَ اسْمَ الدَّلِيلِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، إذَا وَصَفُوا اللَّهَ تَعَالَى. وَالْمُرَادُ (بِهِ) . الْمُنَجِّي وَالْمُبَيِّنُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَبْيَنُ، لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الدَّلِيلِ مَوْجُودٌ فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَقَدْ يَقُولُ النَّاسُ لِلْأَعْلَامِ الْمَنْصُوبَةِ لِمَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ - نَحْوُ الْأَمْيَالِ الْمَبْنِيَّةِ فِي الْبَادِيَةِ -: إنَّهَا دَلَائِلُ عَلَى الطَّرِيقِ. وَلَا يُسَمُّونَ الَّذِي بَنَاهَا هُنَاكَ دَلِيلًا، وَإِنَّمَا يُسَمُّونَ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْمُتَأَمِّلُ لَهَا دَلِيلًا، دُونَ الْوَاضِعِ لَهَا. وَيَدُلُّ عَلَى (صِحَّةِ) مَا ذَكَرْنَا: أَنَّ الْمُسْتَدِلَّ يَقُولُ: الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِي: كَيْتَ وَكَيْتَ، وَهُوَ يُرِيدُ بِهِ الدَّلَالَةَ، وَالْأَعْلَامُ الْمَنْصُوبَةُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهَا، وَيَقُولُ السَّائِلُ لِلْمُجِيبِ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِك؟ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ: مَنْ الدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِك؟ فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا: أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ الَّذِي يُوصِلُ الْمُتَأَمِّلَ لَهُ وَالنَّاظِرَ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ بِالْمَدْلُولِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَزْعُمُ: أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ عِلْمُك بِالشَّيْءِ وَوُجُودُك لَهُ، قَالَ: لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى كَذَا؟ جَازَ أَنْ يُقَالَ عِلْمِي بِكَذَا، وَوُجُودِي لِكَذَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ وَصْفِ الدَّلِيلِ شَيْءٌ أَبْعَدُ مِنْ هَذَا، وَلَا أَضْعَفُ، لِأَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى حَدَثِ الْأَجْسَامِ؟ لَمْ يَصِحَّ (أَنْ يَقُولَ) : عِلْمِي بِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ مِنْ الْحَوَادِثِ. بَلْ يَقُولُ: الدَّلِيلُ عَلَى حَدَثِهَا أَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ مِنْ الْحَوَادِثِ. وَيُوجِبُ هَذَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْمَحْسُوسَاتُ مَعْلُومَةً مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، لِعِلْمِنَا بِهَا وَوُجُودِنَا إيَّاهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ (هَذَا) الْقَائِلِ هُوَ الدَّلِيلُ.

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 8
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست