responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 256
كَانَ هَهُنَا بِمَدِينَةِ السَّلَامِ فِي عَصْرِنَا مِنْ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ. وَلَهُ مَنَاكِيرُ - فِي هَذَا الْبَابِ - فِي أَجْوِبَةِ مَسَائِلِهِمْ، لَا تُخَيَّلُ عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى رِيَاضَةٍ بِفِقْهِهِمْ، إنْ كَانَ مَا يَحْكِيه لَيْسَ مِنْ مَقَالَتِهِمْ. نَحْوُ قَوْلِهِ فِي جَوَازِ الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا أَجَازَ ذَلِكَ فِي تَمْرٍ أُلْقِيَ فِي مَاءٍ فَلَمْ يَسْتَحِلْ نَبِيذًا، وَكَانَ حُلْوًا، وَإِنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ الْمَطْبُوخِ الْمُسْتَحِيلِ إلَى حَالِ الشِّدَّةِ لَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ عِنْدَهُ.
وَمَذَاهِبُهُمْ فِي تَخْصِيصِ أَحْكَامِ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَدْفَعَهُ إنْكَارُ مُنْكِرٍ، وَلَعَمْرِي إنَّهُ يُمْكِنُ حَصْرُ الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الَّتِي خَصَصْنَا عِلَلَهَا بِمَعَانٍ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهَا التَّخْصِيصُ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْمَذَاهِبِ بِجَوَازِ مَا وَصَفْنَا.
وَتَقْيِيدُ الْعِلَّةِ مِمَّا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّخْصِيصُ. كَقَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي عِلَّةِ تَحْرِيمِ النَّسَاءِ: إنَّهَا وُجُودُ أَحَدِ وَصْفَيْ عِلَّةِ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ، فَمَتَى أَطْلَقْنَا (الْعِلَّةَ) عَلَى هَذَا الْحَدِّ احْتَجْنَا إلَى تَرْكِ الْحُكْمِ، مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، إذَا أَسْلَمَهَا فِي سَائِرِ الْمَوْزُونَاتِ، فَيَكُونُ فِيهِ تَخْصِيصٌ مِنْ جُمْلَةِ مُوجِبِ الْعِلَّةِ.
وَلَوْ قَيَّدْنَاهَا بِأَنْ قُلْنَا: إنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ النَّسَاءِ هِيَ: وُجُودُ أَحَدِ وَصْفَيْ عِلَّةِ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْأَثْمَانِ، كَانَ حُكْمُهَا حِينَئِذٍ جَارِيًا مَعَهَا مَوْجُودًا بِوُجُودِهَا، وَلَا تُوجَدُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ عَارِيَّةً مِنْ إيجَابِ حُكْمِهَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْنَا فِي الِابْتِدَاءِ: إنَّ الْعِلَّةَ أَحَدُ وَصْفَيْ عِلَّةِ تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ، لَمْ يَلْزَمْنَا عَلَيْهَا التَّخْصِيصُ، لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنَانِ بِالْعُقُودِ عِنْدَنَا.
وَاسْتِعْمَالُ التَّقْيِيدِ وَحَصْرُ الْعِلَلِ بِمَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهَا التَّخْصِيصُ مُمْكِنٌ فِي سَائِرِ الْعِلَلِ الَّتِي خَصُّوا أَحْكَامَهَا، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُعْزَى إلَيْهِمْ مَا لَيْسَ مِنْ مَقَالَتِهِمْ، لِأَجْلِ إمْكَانِ ذَلِكَ، (وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ) .

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 256
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست