responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 138
فَمِنْ الْعِلَلِ الَّتِي تَكُونُ ذَاتَ أَوْصَافٍ، نَحْوُ تَحْرِيمِ الْبَيْعِ فِي الْبُرِّ بِالْبُرِّ، إذَا أَرَدْنَا قِيَاسَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِ التَّفَاضُلِ، فَنَقُولُ: إنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ الْبَيْعِ وُجُودُ زِيَادَةِ كَيْلٍ فِي جِنْسٍ.
فَكَانَتْ زِيَادَةُ الْكَيْلِ مَعَ الْجِنْسِ بِمَجْمُوعِهَا عِلَّةً لِفَسَادِ الْبَيْعِ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْجِنْسَ عَلَى الِانْفِرَادِ عِلَّةٌ فِي ذَلِكَ، وَلَا الْكَيْلَ عَلَى الِانْفِرَادِ لِمَا وَصَفْنَا.
وَنَظِيرُهُ: قَوْلُنَا فِي سُؤْرِ السِّبَاعِ الَّتِي يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْ سُؤْرِهَا إنَّهُ نَجَسٌ، قِيَاسًا عَلَى الْكَلْبِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ، لَا لِحُرْمَتِهِ وَيُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْ سُؤْرِهِ. فَالْعِلَّةُ هَهُنَا ذَاتُ أَوْصَافٍ ثَلَاثَةٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُحَرَّمُ الْأَكْلِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَحْرِيمَ أَكْلِهِ لَا لِحُرْمَتِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْ سُؤْرِهِ فِي الْعَادَةِ، وَمَتَى أَخْلَلْت شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ انْتَقَضَتْ الْعِلَّةُ، فَصَارَتْ هَذِهِ الْأَوْصَافُ لِمَجْمُوعِهَا عِلَّةً لِتَحْرِيمِ السُّؤْرِ.
وَمِمَّا يَكُونُ الْعِلَّةُ فِيهِ وَصْفًا (وَاحِدًا) مِنْ أَوْصَافِ الْأَصْلِ. قَوْلُنَا: إنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، وَالْكَيْلَ وَالْوَزْنَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، فَكَانَ هَذَا الْوَصْفُ الْوَاحِدُ عِلَّةً لِتَحْرِيمِ النَّسَاءِ، وَكَانَ الْكَيْلُ مَعَ الْجِنْسِ بِمَجْمُوعِهِمَا عِلَّةً لِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ.
وَالْعِلَلُ الشَّرْعِيَّةُ أَمَارَاتٌ لِلْأَحْكَامِ، وَعَلَامَاتٌ لَهَا، لَا عَلَى جِهَةِ إيجَابِهَا لَهَا كَإِيجَابِ الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ لِأَحْكَامِهَا عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيَانِهَا فِي ذِكْرِ وَصْفِ الْعِلَلِ، فَإِنَّمَا تُعَلَّقُ الْأَحْكَامُ بِهَا حَسَبَ تَعَلُّقِهَا بِالْأَسْمَاءِ، فَيَكُونُ الِاسْمُ (عَلَمًا لِوُجُوبِ) الْحُكْمِ، لَا عَلَى جِهَةِ إيجَابِهِ لَهُ.
كَذَلِكَ الْعِلَلُ الشَّرْعِيَّةُ هَذِهِ سَبِيلُهَا، وَمِنْ أَجْلِ مَا ذَكَرْنَا جَازَ وُجُودُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ - الَّتِي هِيَ عِلَلُ الْأَحْكَامِ - عَارِيَّةً مِنْ أَحْكَامِهَا. وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ (حُكْمُ) عِلَلِ الشَّرْعِ مَقْصُورًا عَلَى مَوْضِعِ النَّصِّ، وَالِاتِّفَاقِ

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 4  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست