responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 64
شَهِدَتْ بِصِحَّتِهِ الشَّوَاهِدُ الصَّادِقَةُ، وَالْأَعْلَامُ الْمُعْجِزَةُ، الَّتِي لَيْسَتْ فِي مَقْدُورِ الْبَشَرِ، فَأَوْجَبَتْ لَنَا الْعِلْمَ بِصِحَّةِ إخْبَارِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَهَذَا الْعِلْمُ هُوَ عِلْمُ اكْتِسَابٍ، وَاقِعٌ مِنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، وَلَيْسَ بِعِلْمٍ ضَرُورِيٍّ.
أَلَا تَرَى: أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِلْمَ ضَرُورَةٍ لَاسْتَوَى السَّامِعُونَ بِخَبَرِهِ، فِي وُقُوعِ الْعِلْمِ بِمُخْبَرِهِ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْكُفَّارَ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ، مَعَ سَمَاعِهِمْ بِخَبَرِهِ، وَمُشَاهَدَتِهِمْ لِأَعْلَامِهِ وَمُعْجِزَاتِهِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ اتَّصَلَ بِهِ خَبَرُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ مِمَّنْ كَانَ شَاهَدَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ مَنْ لَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ.
وَمِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الَّذِي نَعْلَمُ صِحَّتَهُ بِالِاسْتِدْلَالِ: مَنْ أَخْبَرَ بِشَيْءٍ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيهِ، فَيَكُونُ تَصْدِيقُهُ إيَّاهُ بِمَنْزِلَةِ إخْبَارِهِ بِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ: مَا قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَهُوَ حَقٌّ وَصِدْقٌ. وَكَذَلِكَ خَبَرُ مُخْبِرٍ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ بِتَصْدِيقِهِ، أَوْ يُجْمِعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى صِدْقِهِ.
فَبِذَا كُلِّهِ نَعْلَمُ صِحَّتَهُ بِالِاسْتِدْلَالِ، وَهِيَ الدَّلَائِلُ الدَّالَّةُ عَلَى صِدْقِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَعَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَأَنَّ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ حَقٌّ.
وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا: أَنْ يُخْبِرَ مُخْبِرٌ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ يُحِيلُهُ عَلَى قِصَّةٍ مَشْهُورَةٍ، وَقَدْ شَهِدَهَا جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، فَيُخْبِرُ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ، فَيَبْلُغُ ذَلِكَ الْجَمَاعَةَ: فَلَا تُنْكِرُهُ فَيَدُلُّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِصِحَّةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ، إذْ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ مِثْلِهِمْ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَامْتَحَنَّاهُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ: تَرْكُ النَّكِيرِ عَلَى مِثْلِهِ، إذَا لَمْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ مِنْ خَبَرِهِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَاب يَجْرِي مَجْرَى كِتْمَانِ الْأُمُورِ الْعِظَامِ، وَالْأَعَاجِيبِ الْحَادِثَةِ فِي أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ كِتْمَانُهَا، فَكَذَلِكَ تَرْكُ النَّكِيرِ غَيْرُ جَائِزٍ مِنْ مِثْلِهِمْ، فَبِمَا وَصَفْنَا سَوَاءٌ كَانَ فِي ذَلِكَ نَفْعٌ لَهُمْ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
أَلَا تَرَى: أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ فِي مَحْفِلٍ عَظِيمٍ، بِحَضْرَةِ قَوْمٍ مُخْتَلِفِي الْهِمَمِ وَالْآرَاءِ: إنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ كَانَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ: أَنْ سَارَتْ مَعَهُ الْجِبَالُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ، فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ، كَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ مُعْجِزَةَ الْمَسِيحِ، وَأَنَّهُ دَعَا عَلَى قَوْمٍ فَمَسَخَهُمْ اللَّهُ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَأْكِيدَ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِي الْعَادَةِ عَلَى

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست