responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 388
عَلَى نَفْيِ مَا لَمْ يَعْلَمُوهُ مَنْفِيًّا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَلَمْ يُخَصِّصْ بِهِ الْإِثْبَاتَ مِنْ النَّفْيِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَصَّ: أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَحْكَامَ الشَّرْعِ فِي كِتَابِهِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ، فَلَمْ يُخَصِّصْ بِالْبَيَانِ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، وَذَلِكَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْك الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89] وَقَالَ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ (لَمْ) يُرِدْ بِهِ وُقُوعَ الْبَيَانِ فِي الْجَمِيعِ نَصًّا.
وَإِنَّمَا أَرَادَ نَصًّا وَدَلِيلًا، وَلَمْ يُخَصِّصْ الْإِثْبَاتَ مِنْ النَّفْيِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. فَهَلَّا طَلَبْت دَلَالَةَ النَّفْيِ فِي الْكِتَابِ: كَدَلَالَةِ الْإِثْبَاتِ.
وَقَالَ تَعَالَى {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] فَأَمَرَ بِالتَّفَكُّرِ فِي اسْتِدْرَاكِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ الْإِثْبَاتَ مِنْ النَّفْيِ، فَهُوَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» ، وَالنَّافِي مُنْكِرٌ، فَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَالْمُثْبِتُ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.
قِيلَ: لَوْ اكْتَفَيْنَا بِهَذَا الْخَبَرِ (فِي) دَحْضِ مَقَالَتِك، وَفَسَادِ أَصْلِك، كَانَ كَافِيًا، لِأَنَّك مُدَّعٍ لِنَفْيِ الْحُكْمِ بِإِنْكَارِك لَهُ، وَمُدَّعٍ لِبُطْلَانِ قَوْلِ خَصْمِك الْمُثْبِتِ لِمَا نَفَيْت، وَمُدَّعٍ بِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ، وَمُدَّعٍ لِصِحَّةِ اعْتِقَادِك بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْك فِيمَا نَفَيْت مِنْ ذَلِكَ. فَمِنْ حَيْثُ كُنْت مُدَّعِيًا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كَانَ عَلَيْك إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ دَعَاوِيك هَذِهِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى» .
فَإِنْ تَرَكَ الِاحْتِجَاجَ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَقَالَ: لَمَّا اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدَيْ

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 388
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست