responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 374
اعْتِقَادُ صِحَّةِ (شَيْءٍ) وَلَا يَدْرِي هَلْ صَحِيحٌ أَمْ فَاسِدٌ.
وَإِنْ قَالَ: عَلِمْت صِحَّتَهُ.
قِيلَ لَهُ: فَعَلِمْته بِدَلِيلٍ أَمْ بِلَا دَلِيلٍ؟ فَإِنْ قَالَ: عَلِمْته بِلَا دَلِيلٍ.
قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ عَلِمْت صِحَّتَهُ؟ وَإِنْ قَالَ: عَلِمْته بِدَلِيلٍ.
قِيلَ لَهُ: فَقَدْ تَرَكْت التَّقْلِيدَ وَلَجَأْت إلَى النَّظَرِ، فَهَلَّا نَظَرْت فِي الْمَذْهَبِ الَّذِي قَلَّدْت فِيهِ غَيْرَك فَاسْتَدْلَلْت عَلَى صِحَّتِهِ أَوْ فَسَادِهِ؟ وَقَدْ اسْتَغْنَيْت عَنْ التَّقْلِيدِ بِنَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، كَمَا أَثْبَتَّ التَّقْلِيدَ ضَرُورَةً، فَكُلُّ مَنْ لَمْ يُضْطَرَّ إلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ إثْبَاتُهُ، وَلِخَصْمِهِ مَعَ ذَلِكَ: أَنْ يُعَارِضَهُ فَيَدَّعِيَ عِلْمَ الضَّرُورَةِ فِي إبْطَالِ التَّقْلِيدِ، وَوُجُوبِ النَّظَرِ، وَعَلَى أَنَّ مَا كَانَ الْعِلْمُ بِهِ ضَرُورَةً، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَ سَائِرُ الْعُقَلَاءِ فِي وُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِ إذَا تَسَاوَوْا فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ.
وَيُقَالُ لِلْقَائِلِ بِالتَّقْلِيدِ: قَدْ وَجَدْنَا الْقَائِلِينَ بِالتَّقْلِيدِ مُخْتَلِفِي الْمَذَاهِبِ، مُتَضَادِّي الِاعْتِقَادَاتِ عَلَى حَسَبِ تَقْلِيدِهِمْ لِمَنْ اتَّبَعُوهُ. فَأَيُّ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ الْمُتَضَادَّةِ الصَّحِيحُ؟ وَأَيُّهَا الْفَاسِدُ؟ إذْ يَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُهَا كُلُّهَا فِي الصِّحَّةِ.
فَإِنْ قَالَ: مَذْهَبِي هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ مَنْ قَلَّدْته أَوْلَى بِأَنْ يُقَلَّدَ مِنْ غَيْرِهِ، فَلِذَلِكَ كَانَ مَذْهَبِي صَحِيحًا، وَمَذْهَبُ غَيْرِي فَاسِدًا.
قِيلَ لَهُ: وَلِمَ صَارَ مَنْ قَلَّدْته مَذْهَبُك أَوْلَى بِأَنْ يُقَلَّدَ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ قَلَّدَهُ خَصْمُك؟ .
فَإِنْ قَالَ: لِأَنَّ مَنْ قَلَّدْته أَوْرَعُ وَأَزْهَدُ، وَأَظْهَرُ صَلَاحًا.
قِيلَ لَهُ: فَتَأْمَنُ عَلَيْهِ الْخَطَأَ وَاعْتِقَادَ الْبَاطِلِ؟ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ قَدْ أَمِنْت جَوَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَدْ حَكَمَ لَهُ بِصِحَّةِ غَيْبِهِ، وَأَنَّ بَاطِنَهُ كَظَاهِرِهِ، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ لِأَحَدٍ، إلَّا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَإِنْ قَالَ: يَجُوزُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ الضَّلَالِ، وَاخْتِيَارُ الْخَطَأِ، وَالْعُدُولُ عَنْ الصَّوَابِ.
قِيلَ لَهُ: فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَلَسْت تَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ مُبْطِلًا فِي تَقْلِيدِك إيَّاهُ، وَاعْتِقَادِك مَذْهَبَهُ، فَلَسْتَ إذًا عَلَى عِلْمٍ مِنْ صِحَّةِ قَوْلِك وَبُطْلَانِ قَوْلِ خَصْمِك. وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 374
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست