responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 282
وَالدَّلِيلُ (عَلَى) ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ قَدْ عَاتَبَهُ فِي أَسَارَى بَدْرٍ، وَأَنْزَلَ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {عَفَا اللَّهُ عَنْك لِمَ أَذِنْت لَهُمْ} [التوبة: 43] وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.
فَلَمَّا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُ الْأُمَّةِ أَفْضَلَ مِنْ اجْتِهَادِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَازَ عَلَيْهِ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِ وُقُوعِ الْخَطَأِ عَلَى الْأُمَّةِ فِيمَا نَقُولُ مِنْ طَرِيقِ الرَّأْيِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ أَجَبْت عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ اجْتِهَادَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَقَعُ فِيهِ خَطَأٌ، لِأَنَّ مَعَاصِيَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - وَلَوْ كَانَتْ صَغَائِرَ - مَغْفُورَةٌ، فَغَيْرُ جَائِزٍ وُقُوعُهَا فِي شَيْءٍ يَظْهَرُ لِلنَّاسِ، وَيَلْزَمُهُمْ فِيهِ الِاتِّبَاعُ وَالِاقْتِدَاءُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ ظَهَرَتْ مَعَاصِي الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - (لِلنَّاسِ) لَكَانَ فِيهِ تَنْفِيرٌ عَنْ الطَّاعَةِ، وَإِيحَاشٌ عَنْ السُّكُونِ وَالطُّمَأْنِينَةِ إلَى صِحَّةِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَجَابَ: إنَّا نَقُولُ: إنَّ اجْتِهَادَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ اجْتِهَادِ الْأُمَّةِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ اجْتِهَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَفْسِهِ، وَلَا نَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ اجْتِهَادَهُ أَفْضَلُ مِنْ اجْتِهَادِ الْأُمَّةِ مُجْتَمِعَةً، كَمَا نَقُولُ: إنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْأُمَّةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: إنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَفْسِهِ، لَا أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَوَاتِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ بِأَسْرِهَا مُجْتَمِعَةً، وَكَمَا نَقُولُ: فُلَانٌ أَقْوَى مِنْ إخْوَةِ فُلَانٍ وَهُمْ عَشْرَةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَقْوَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَفْسِهِ.

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست