responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 273
بَعْدَهُمْ، وَجَمِيعُ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ مِنْ السُّنَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ يُوجِبُ صِحَّةَ إجْمَاعِ سَائِرِ أَهْلِ الْأَعْصَارِ، لِأَنَّهُ لَا يُخَصِّصُ فِي أَمْرِهِ إيَّانَا بِلُزُومِ الْجَمَاعَةِ جَمَاعَةً مِنْ الْأُمَّةِ دُونَ غَيْرِهَا، بَلْ عَمَّ سَائِرَ الْجَمَاعَاتِ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ» لِأَنَّ قَوْلَهُ: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ» لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ كَانَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ إلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ، وَلَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالٍ.
أَوْ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَهْلَ كُلِّ عَصْرٍ عَلَى الِانْفِرَادِ، أَوْ أَهْلَ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ مَنْ حَدَثَ بَعْدَهُمْ إلَى أَنْ تَقُومَ الْقِيَامَةُ. وَأَنَّهُمْ بِاجْتِمَاعِهِمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالٍ، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ أَهْلَ عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. لَمْ يَكُونُوا عَلَى ضَلَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِضَمِّ أَهْلِ الْأَعْصَارِ إلَيْهِمْ فِي نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى ضَلَالٍ مَعْنًى وَلَا فَائِدَةٌ، عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ: أَنَّ أَهْلَ كُلِّ عَصْرٍ لَا يَقَعُ مِنْهُمْ اجْتِمَاعٌ عَلَى ضَلَالٍ.
وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، لِأَنَّ فِيهِ تَخْصِيصًا بِلَا دَلَالَةٍ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ» قَدْ نَفَى بِهِ أَنْ يَضِلَّ كُلُّ أَهْلِ عَصْرٍ بِضَلَالٍ وَاحِدٍ. وَنَفَى بِهِ أَيْضًا أَنْ يَضِلُّوا، كُلُّهُمْ، بِأَنْ يَضِلَّ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ بِضَرْبٍ مِنْ الضَّلَالِ غَيْرِ ضَلَالَةِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى.
هَذَا كُلُّهُ مُنْتَفٍ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالٍ» وَإِفَادَتُهُ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ لَا تَزَالُ مُتَمَسِّكَةً بِالْحَقِّ إلَى وَقْتِ حُدُوثِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، وَزَوَالِ التَّكْلِيفِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ لَكُمْ الْقَوْلُ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْأَعْصَارِ مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: إذَا (اجْتَمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى شَيْءٍ سَلَّمْنَاهُ لَهُمْ، وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّابِعُونَ زَاحَمْنَاهُمْ) وَأَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَكُنْ مِنْ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ فِي لُزُومِ صِحَّتِهِ لَهُ وَلِأَهْلِ عَصْرِهِ.
قِيلَ لَهُ: أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَهُوَ تَابِعِيٌّ قَدْ أَدْرَكَ فِيمَا يَحْكِي (أَرْبَعَةً) مِنْ الصَّحَابَةِ: أَنَسًا

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 273
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست