responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 170
وَعَلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ عِيسَى: يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَا جَمِيعًا، وَيَبْقَى الشَّيْءُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ وُرُودِ الْخَبَرَيْنِ.
وَإِنْ وَرَدَ خَبَرَانِ: أَحَدُهُمَا يُوجِبُ شَيْئًا، وَالْآخَرُ يَنْهَى عَنْهُ، وَكَانَ حُكْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي الْأَصْلِ الْإِبَاحَةَ، فَإِنَّا قَدْ تَيَقَّنَّا أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ الْإِبَاحَةِ: إمَّا إلَى إيجَابٍ، أَوْ إلَى حَظْرٍ.
فَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ: إنَّ الْإِبَاحَةَ قَدْ زَالَتْ، وَلَمْ يَثْبُتْ حَظْرٌ، وَلَا إيجَابٌ، فَيَكُونُ أَمْرُهُ مَوْقُوفًا، لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ.
وَجَائِزٌ أَنْ يُقَالَ: يُطْرَحُ الْخَبَرَانِ جَمِيعًا، فَيَبْقَى الشَّيْءُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ مِنْ الْإِبَاحَةِ. وَمَتَى وَرَدَ خَبَرَانِ مُتَعَارِضَانِ: فِي أَحَدِهِمَا فِعْلٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِشَيْءٍ، وَفِي الْآخَرِ النَّهْيُ عَنْهُ وَتَسَاوَيَا، فَالْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ أَوْلَى، وَذَلِكَ نَحْوُ مَا رُوِيَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ» ، فَهَذَا فِعْلٌ لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِفِعْلِهِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فِي الصَّلَاةِ» وَأَنَّهُ قَالَ: «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعَةِ مَوَاطِنَ» وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا حَالَ الرُّكُوعِ، فَكَانَ خَبَرُ النَّهْيِ أَوْلَى لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ فِعْلَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ.
وَتَرْكَ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْعِقَابَ، بِظَاهِرِ فِعْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إيَّاهُ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ أَفْعَالًا لِنَفْسِهِ لَا يُرِيدُهَا مِنَّا، وَلَا يَأْمُرُنَا بِشَيْءٍ، أَوْ يَنْهَى عَنْهُ إلَّا وَقَدْ أَرَادَ مِنَّا مَا تَضَمَّنَهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ.
وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَصْلِيِّ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، فَلَا يُعَارِضُ، الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ بِالْفِعْلِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَنَّهُ قَدْ «أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنَّهُ: أَكَلَ لَحْمًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» فَعَارَضَتْ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ وَجَعَلَتْ الْفِعْلَ أَوْلَى مِنْهُ.

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 170
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست