responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 122
خَبَرٍ يُضَادُّهُ حُجَّةٌ لِلْعَقْلِ فَهُوَ فَاسِدٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ. وَحُجَّةُ الْعَقْلِ ثَابِتَةٌ صَحِيحَةٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مُحْتَمِلًا لِوَجْهٍ لَا يُخَالِفُ بِهِ أَحْكَامَ الْعُقُولِ، فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ حَكَيْت جُمْلَةَ مَا ذَكَرَهُ عِيسَى فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ عِنْدِي مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ أُصُولُهُمْ، وَإِنَّمَا قَصَدَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا ذَكَرَهُ إلَى بَيَانِ حُكْمِ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْحَظْرِ، أَوْ الْإِيجَابِ، أَوْ فِي الْإِبَاحَةِ، مَا قَدْ ثَبَتَ حَظْرُهُ بِالْأُصُولِ الَّتِي ذَكَرَهَا، أَوْ حَظْرُ مَا ثَبَتَ إبَاحَتُهُ، مِمَّا كَانَ هَذَا وَصْفَهُ، فَحُكْمُهُ جَارٍ عَلَى الْمِنْهَاجِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْقَبُولِ، أَوْ الرَّدِّ.

وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي تَبْقِيَةِ الشَّيْءِ عَلَى إبَاحَةِ الْأَصْلِ، أَوْ نَفْيِ حُكْمٍ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي الْأَصْلِ، أَوْ فِي اسْتِحْبَابِ فِعْلٍ، أَوْ تَفْضِيلِ بَعْضِ الْقُرَبِ عَلَى بَعْضٍ، فَإِنَّ هَذَا عِنْدَنَا خَارِجٌ عَنْ الِاعْتِبَارِ الَّذِي قَدَّمْنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ مُبَاحٍ، وَلَا تَوْقِيفُ النَّاسِ عَلَيْهِ بِنَصٍّ يَذْكُرُهُ، بَلْ جَائِزٌ لَهُ تَرْكُ النَّاسِ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَالُ الشَّيْءِ مِنْ الْإِبَاحَةِ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ.
وَكَذَلِكَ لَيْسَ عَلَيْهِ تَبْيِينُ مَنَازِلِ الْقُرَبِ وَمَرَاتِبِهَا بَعْدَ إقَامَةِ الدَّلَالَةِ لَنَا عَلَى كَوْنِهَا قُرَبًا، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا مَقَادِيرَ ثَوَابِ الْأَعْمَالِ، فَلِذَلِكَ جَازَ وُرُودُ خَبَرٍ خَاصٍّ فِيمَا كَانَ هَذَا وَصْفَهُ، وَتَوْقِيفُهُ بَعْضَ النَّاسِ عَلَيْهِ دُونَ جَمَاعَتِهِمْ، حَسْبَ مَا يَتَّفِقُ مِنْ سُؤَالِ السَّائِلِ عَنْهُ، أَوْ وُجُودُ سَبَبٍ يُوجِبُ ذِكْرَهُ، فَيَعْرِفُهُ خَوَاصُّ مِنْ النَّاسِ، وَيَنْقُلُوهُ دُونَ كَافَّتِهِمْ.
وَمِنْ نَحْوِ مَا قُلْنَا فِي وُرُودِ خَبَرٍ خَاصٍّ فِيمَا تَرَكُوا فِيهِ عَلَى الْأَصْلِ: حَدِيثُ نَفْيِ الْوُضُوءِ مِنْ كُلِّ مَا لَا يُوجِبُ حُدُوثُهُ الْوُضُوءَ، مِنْ نَحْوِ خُرُوجِ اللَّبَنِ، وَالدَّمْعِ، وَالْعَرَقِ، مِنْ بَدَنِ الْإِنْسَانِ.
وَأَمَّا الْوُضُوءُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا، لَكَانَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَوْقِيفُ الْكَافَّةِ عَلَيْهِ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَّفِقِينَ فِي الْأَصْلِ عَلَى نَفْيِ الْوُضُوءِ مِنْهُ. فَإِذَا أَحْدَثَ لَهُمْ هَذَا الْحُكْمَ وَجَبَ إعْلَامُهُمْ إيَّاهُ، لِئَلَّا يُقْدِمُوا عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، كَمَا وَقَفَ عَلَى الْوُضُوءِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ.
وَكَذَلِكَ خَبَرُ «تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» . وَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الْعَامَّةِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفْنَا. وَإِيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حُكْمُهُ أَنْ يَرِدَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ لِمَا بَيَّنَّا. وَمِنْ نَظَائِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْأُمُورِ الْمُسْتَحَبَّةِ، وَتَفْضِيلُ الْأَعْمَالِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ مِمَّا لَا

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 3  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست