responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 83
ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَوْمِ (شَهْرِ) رَمَضَانَ كَانَ صَادِقًا، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَأْمُرْنَا اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ كَانَ كَاذِبًا (خَارِجًا) مِنْ الْمِلَّةِ، وَ (لَوْ) قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَك فِي هَذَا الْوَقْتِ بِصَلَاةِ تَطَوُّعٍ أَوْ صَدَقَةِ نَفْلٍ أَوْ بِالِاصْطِيَادِ أَوْ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا فِي قَوْلِهِ، وَكَانَ وَاضِعًا لِلْأَمْرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لَيْسَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَلَا صَدَقَةٌ: مَا أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى بِفِعْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَانَ مُصِيبًا فِي قَوْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ إطْلَاقُ لَفْظِ الْأَمْرِ مُمْتَنِعًا فِي النَّوَافِلِ وَالْمُبَاحَاتِ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا غَيْرَ مُنْتَفٍ عَنْ الْفُرُوضِ وَالْوَاجِبَاتِ بِحَالٍ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ يَخْتَصُّ بِالْإِيجَابِ حَقِيقَةً، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَمْرًا مَتَى لَمْ يُصَادِفْ وَاجِبًا. وَيَدُلُّ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْضًا أَنَّ الْعَرَبِيَّ يُسَمِّي تَارِكَ الْأَمْرِ عَاصِيًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي} [طه: 93] ، وَقَالَ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12] وَمِنْهُ قَوْلُ دُرَيْدِ بْنِ الصِّمَّةِ
أَمَرْتُهُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرِجِ اللِّوَى ... فَلَمْ يَسْتَبِينُوا الرُّشْدَ إلَّا ضُحَى الْغَدِ
فَلَمَّا عَصَوْنِي كُنْتُ مِنْهُمْ وَقَدْ أَرَى ... غِوَايَتَهُمْ وَأَنَّنِي غَيْرُ مُهْتَدِي
فَسَمَّى تَارِكَ الْأَمْرِ عَاصِيًا وَسِمَةُ الْعِصْيَانِ لَا تَلْحَقُ إلَّا تَارِكَ الْوَاجِبَاتِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ مُخْتَصٌّ بِالْإِيجَابِ.

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست