responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 353
هُوَ النَّاسِخُ لَهَا، إذْ لَمْ يَقُلْ نَأْتِ بِمَا يَنْسَخُهَا خَيْرًا مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا، وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نَأْتِ بِنَاسِخٍ خَيْرٍ مِنْهَا، لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ دَعْوَاهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ، وَسَقَطَ اسْتِدْلَالُهُ بِالْآيَةِ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ بَيْنَنَا، إذْ لَيْسَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِأَوْلَى بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْ الِاحْتِمَالِ مِنْ الْآخَرِ، بَلْ لَوْ قُلْنَا: إنَّ الْأَظْهَرَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ فَحْوَى الْخِطَابِ، نَسْخُ الْآيَةِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ وُجُوهِ النَّسْخِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَ قُرْآنٍ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا، كَانَ قَوْلًا سَدِيدًا أَوْ أَشْبَهَ بِالصَّوَابِ مِنْ قَوْلِ مُخَالِفِنَا.
فَإِنْ قَالَ: قَوْله تَعَالَى فِي سِيَاقِ الْآيَةِ {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 106] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَسْخُ الْآيَةِ بِقُرْآنٍ مُعْجِزٍ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ مَنَعَ نَسْخَهَا بِالسُّنَّةِ.
قِيلَ لَهُ: (وَلَوْ) سَلَّمْنَا لَك مَا ادَّعَيْت لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَسْخَ التِّلَاوَةِ (وَنَسْخُ التِّلَاوَةِ) ، وَالنَّظْمِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَنَا، فَمَا الدَّلَالَةُ مِنْهَا (عَلَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ) عَلَى امْتِنَاعِ جَوَازِ نَسْخِ الْحُكْمِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ.
وَمِنْ (وَجْهٍ آخَرَ) : لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا وَصَفْت لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ أَنَّ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا أَوْ مِثْلُهَا هُوَ النَّاسِخُ لَهَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَسْخَ حُكْمِ الْقُرْآنِ أَوْ تِلَاوَتِهِ بِوَحْيٍ مِنْ عِنْدِهِ لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَيَأْتِي مَعَ ذَلِكَ بِقُرْآنٍ خَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا عَلَى حَسَبِ مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ وَيَجُوزُ فِيهِ، فَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النَّاسِخَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قُرْآنًا، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي (بِهِ) بَعْدَ النَّسْخِ يَكُونُ قُرْآنًا (إنْ اقْتَضَتْ) الْآيَةُ ذَلِكَ.
وَوَجْهٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ حُكْمًا مِنْ جِهَةِ وَحْيٍ لَيْسَ بِقُرْآنٍ.
وَيَصِحُّ الْوَصْفُ لَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لِأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ أَصْلَحُ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ الَّذِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَأْتِي بِهِ بَعْدَ النَّسْخِ قُرْآنٌ مُعْجِزٌ.

نام کتاب : الفصول في الأصول نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 353
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست