علمًا، فلهذا صح أن نقتصر على قوله: "معرفة المعلوم".
وإنما عدلنا عن القول بأنه: معرفة الشيء، إلى القول بأنه معرفة المعلوم؛ لأن: القول معلوم، أعم من: القول شيء؛ لأن الشيء لا يكون إلا موجودًا، والمعلوم يكون معدومًا وموجودًا، وقد ثبت أن المعدوم ليس بشيء
فإذا قيل: حده أنه: معرفة الشيء، خرج العلم بالمعدوم الذي ليس بشيء عن أن يكون علمًا وانتقض الحد؛ لأنه علم بما ليس بشيء، فوجبت الرغبة لما ذكرنا عن ذكر "الشيء" إلى ذكر "المعلوم".
والدلالة على أن حده ما ذكرنا أن كل من عرف العلم فقد علم أنه معرفة، وأنه هو الذي لأجله كان العالم عالِمًا، وكل من عرف المعرفة التي صار العالم عالِمًا بها فقد عرف العلم علمًا، فكان حدًّا صحيحًا [3/ ب] كما أن حد المحدث لما كان هو الموجود عن عدم، كان كل من عرفه موجودًا عن عدم، فقد علم أنه محدث.
وقالت المعتزلة[1] [حَدُّ] [2] العلم: "اعتقاد الشيء على ما هو به فقط". [1] المعتزلة إحدى الفرق الْمُبَدَّعة التي خالفت أهل السنة في كثير من أصول العقيدة وفروعها، وقد تعددت فرقها حتى بلغت عشرين فرقة، سميت بهذا الاسم؛ لأن رئيسها "واصل بن عطاء الغزال" كان يرى أن الفاسق بين منزلتين لا كافر ولا مؤمن، ولما سمع منه الحسن البصري هذا طرده من مجلسه، فاعتزل عند سارية من سواري المسجد، وانضم إليه عمرو بن عبيد، فلما اعتزلا قيل لهما ولمن تبعهما معتزلة. راجع: "الفرق بين الفرق" "ص: 24، 114، 201"، و"الْمِلَلَ والنِّحَل" للشهرستاني "1/ 43- 85". [2] غير واضحة في الأصل، ولكن السياق يدل عليها.