responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرسالة للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 1  صفحه : 483
قال: فتجدُك تحكم بأمر واحد من وجوه مختلفة؟
قلت: نعم، إذا اختلفت أسبابه.
قال: فاذكر منه شيئاً.
قلت: قد يُقِرّ الرجل عندي على نفسه بالحق لله، أو لبعض الآدميين، فآخذه بإقراره، ولا يقر، فآخذه بِيَنِّة تقوم عليه، ولا تقوم عليه بينة، فَيُدَّعى عليه، فآمره بأن يحلف ويَبرَْأَ، فيَمتنعُ، فآمر خصمَه بأن يحلف، ونأخذُه بما حلف عليه خصمه، إذا أبى اليمين التي تُبرِئه، ونحن نعلم أن إقراره على نفسه - بِشُحِّه على -[484]- ماله، وأنه يُخاف ظَلمُه بالشحِّ عليه -: أصدَقُ عليه من شهادة غيره، لأن غيره قد يَغلِط ويكذب عليه، وشهادةُ العدول عليه أقربُ من الصدق من امتناعه من اليمين ويمينِ خصمه، وهو غيرُ عدل، وأُعطي منه بأسبابٍ بعضُها أقوى من بعض.
قال: هذا كله هكذا، غيرَ أنا إذا نَكِل عن اليمين أعطينا منه بالنكول.
قلت: فقد أعطيتَ منه بأضعفَ مما أعطينا منه؟
قال: أجل، ولكني أخالفك في الأصل.
قلت: وأقوى ما أعطيتَ به منه إقرارُه، وقد يمكن أن يُقِر بحق مسلم ناسياً أو غلطاً، فآخذُه به؟
قال: أجل، ولكنك لم تُكَلف إلا هذا.
-[485]- قلنا: فلستَ تراني كُلِّفت الحقَّ من وجهين: أحدهما: حقٌّ بإحاطةٍ في الظاهر والباطن، والآخر: حق بالظاهر دون الباطن؟
قال: بلى، ولكن هل تجد في هذا قوةً بكتاب أو سنة؟
قلت: نعم، ما وصفتُ لك مما كُلفت في القبلة وفي نفسي وفي غيري.
قال الله: {ولا يحيطونَ بشيء من علمِهِ إلا بما شاءَ} [البقرة 255] فآتاهم من علمه ما شاء، وكما شاء، لا مُعَقِّبَ لحُكمه، وهو سريعُ الحساب.
وقال لنبيه: {يسئلونك عن الساعة أَيَّانَ مُرْساها فيمَ أنتَ من ذِكراها إلى ربك مُنْتَهَاها} [النازعات 42 - 44]
سفيانُ عن الزُّهري عن عُروة قال: " لم يَزَل رسول الله يَسأل عن الساعة، حتى أنزل الله عليه {فيم أنت من ذكراها} فانتهى".
-[486]- وقال الله: {قل لا يعلمُ من في السماوات والأرضِ الغيبَ إلا اللهُ} [النمل 65]
وقال الله تبارك وتعالى: {إن الله عنده عِلمُ الساعةِ، ويُنزِّلُ الغيث، ويَعلمُ ما في الأرحامِ، وما تَدري نفسٌ ماذا تَكْسِبُ غداً، وما تدري نفس بأيِّ أرض تموت، إن الله عليمٌ خبير} [لقمان 34]
فالناس مُتَعَبَّدون بأن يقولوا ويفعلوا ما أُمروا به، وينتهوا إليه، لا يُجاوزونَه، لأنهم لم يُعطوا أنفسَهم شيئاً، إنما هو عطاء الله. فنسأل الله عطاءاً مؤدِّياً لحقه، موجِباً لمزيده.

نام کتاب : الرسالة للشافعي نویسنده : الشافعي    جلد : 1  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست