نام کتاب : الرسالة للشافعي نویسنده : الشافعي جلد : 1 صفحه : 425
فإن قال قائل: فادلُلْني على أن عمر عمل شيئاً، ثم صار إلى غيره بخبرٍ عن رسول الله.
قلت: فإن أوجدْتُكَهُ؟
قال: ففي إيجادكَ إياي ذلك دليل على أمرين: أحدهما: أنه قد يقول من جهة الرأي إذا لم توجد سنة، والآخر: أن السنة إذا وُجدت وجب عليه ترك عمل نفسه، ووجب على الناس ترك كل عمل وُجدت السنة بخلافه، وإبطالُ أن السنة لا تثبت إلا بخبرٍ بعدها، -[426]- وعُلم أنه لا يُوهِنُها شيء إن خالفها.
قلت: أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كان يقول: الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئاً. حتى أخبره الضّحّاك بن سفيان أن رسول الله كتب إليه: أن يُوَرِّث امرأة أَشْيَمَ الضِّبَابيِّ من ديته، فرجع إليه عمر.
وقد فَسَّرت هذا الحديث قبل هذا الموضع. (1)
سفيان عن عمرو بن دينار وابن طاوس عن -[427]- طاوس: أن عمر قال: أُذَكِّرُ اللهَ امرأً سمع من النبي في الجنين شيئاً، فقام حَمَلُ بن مالك بن النابغة، فقال: كنت بين جارتين لي - يعني ضرتين - فضربت إحداهما الأخرى بِمِسْطَح [2] فألقت جنيناً ميتاً، فقضى فيه رسول الله بِغُرَّةٍ [3] . فقال عمر: لو لم أسمع فيه لقضينا بغيره.
وقال غيره: إن كِدْنا أن نقضي في مثل هذا برأينا. (4)
-[428]- فقد رجع عمر عما كان يقضي به لحديث الضّحّاك إلى أن خالف حكم نفسه، وأخبر في الجنين أنه لو لم يسمع هذا لَقَضَى فيه بغيره، وقال: إن كِدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا.
قال "الشافعي": يخبر - والله أعلم - أن السنة إذا كانت موجودة بأن في النفس مائةً من الإبل، فلا يعدو الجنين أن يكون حياً فيكونَ فيه مائةٌ من الإبل، أو ميتاً فلا شيء فيه.
فلما أُخبر بقضاء رسول الله فيه سَلَّمَ له، ولم يجعل لنفسه إلا اتِّبَاعه، فيما مضى بخلافه، وفيما كان رأياً منه لم يبلغه عن رسول الله فيه شيء، فلما بَلَغَه خلاف فعله صار إلى حكم رسول الله، -[429]- وترك حكم نفسه، وكذلك كان في كل أمره.
وكذلك يلزمُ الناسَ أن يكونوا.
أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم: أن عمر بن الخطاب إنما رجع بالناس عن خبر عبد الرحمن بن عوف.
قال "الشافعي": يعني حين خرج إلى الشام، فبلغه وقوع الطاعون بها.
-[430]- مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن عمر ذكر المجوس، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لَسَمِعت رسول الله يقول: سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب. (5)
سفيان عن عمرو: أنه سمع بَجَالَةَ يقول: ولم -[431]- يكن عمر أخذ الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي أخذها من مجوس هَجَرٍَ.
(1) يريد في كتاب الأم 6/77 والحديث رواه أحمد 3/452 وأبو داود والترمذي وابن ماجه. [2] المسطح: عود من أعواد الخباء والفسطاط الذي يُخبز به. [3] الغرة العبد أو الأمة.
(4) إسناد الشافعي هنا مرسل فطاوس لم يدرك عمر والحديث رواه أبو داود والنسائي ورواه متصلاً أحمد وأبو داود وابن ماجه عن طاوس عن ابن عباس عن عمر.
(5) رواه مالك في الموطأ 1/264 وهذا إسناد منقطع؛ لأن محمداً لم يلقَ عمر ولا عبد الرحمن بن عوف. لكن معناه متصل من وجوه حسان. انظر شرح الزرقاني على الموطأ 2/73 وفتح الباري 6/186
نام کتاب : الرسالة للشافعي نویسنده : الشافعي جلد : 1 صفحه : 425