نام کتاب : الرسالة للشافعي نویسنده : الشافعي جلد : 1 صفحه : 222
قال: أفَرَأَيْتَ لَوْ قال قائل: حَيْثُ وَجَدْتُ القُرَآن ظاهِراً عامًّا، ووَجَدْتُ سنةً تحْتَمِلُ أنْ تُبَيِّنَ عَن القُرَآن، وتحتمل أن تكون بخلاف ظاهره، عَلِمْتُ أنَّ السنةَ منسوخَةٌ بالقُرَآن؟
فقلتُ له: لا يقولُ هذا عالِمٌ.
قال: وَلِمَ؟
قلت: إذا كان الله فَرَضَ على نبيه اتِّباعَ ما أُنْزِل إليه، وشَهِدَ له بالهُدَى، وفرض على الناس طاعَتَه، وكان اللِّسانُ - كما وصفْتُ قبل هذا - مُحْتَمِلاً للمعاني، وأن يكون كتابُ الله يَنْزِلُ عامًّا يُرَادُ به الخاصَّ، وخاصاً يراد به العام، وفرْضًا جُمْلَةً بَيَّنَه رسولُ الله، -[223]- فقامت السنةُ مع كتاب الله هذا المقامَ: لم تكن السنةُ لِتُخَالِفَ كتابَ الله، ولا تكونُ السنةُ إلا تَبعًا لِكتاب اللهِ، بِمِثْلِ تَنْزِيلِه، أو مُبَيِّنَةً معنى ما أرادَ اللهُ، فهي بكل حالٍ مُتَّبِعَةٌ كتابَ اللهِ.
قال: أفَتُوجِدُنِي الحُجَّةَ بما قلتَ في القُرَآن؟
فذكَرْتُ له بعضَ ما وصفتُ في كتاب: (السنَّةُ مع القُرَآن) [1] ، مِن أنَّ الله فَرَضَ الصلاةَ والزكاة والحجَّ، فَبَيَّنَ رسولُ اللهِ كيفَ الصلاةُ، وعَدَدَها، ومواقيتَها، وسُنَنَها، وفي كَمْ الزكاةُ مِن المال وما يَسْقُطُ عنه مِن المالِ ويَثْبُتُ عليه، ووقتَها، وكيف عَمَلُ الحجِّ، وما يُجْتَنَبُ فيه ويُبَاحُ.
قال: وذكرتُ له قولَ الله: " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا (38) " [المائدة] ، و" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ([2]) " [النور] ، وأنَّ رسولَ الله لَمَّا سَنَّ القطْعَ على مَنْ بَلَغَتْ سَرِقَتُهُ -[224]- ربع دينار فصاعِداً، والجَلْدَ على الحُرَّيْنِ البِكْرَيْنِ دون الثَّيِّبَيْنِ الحريْن والمملوكيْنِ: دلَّتْ سنةُ رسولِ الله على أنَّ الله أراد بها الخاصَّ من الزُّناة والسُّرَّاق، وإن كان مَخْرَجُ الكلام عاماً في الظاهر على السراق والزناة.
قال: فهذا عنْدِي كما وصفْتَ، أفَتَجِدُ حُجَّةً على مَنْ رَوَى أنَّ النبي قال: " مَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوُه عَلَى كِتَابِ اللهِ، فَمَا وَافَقَهُ فَأَنَا قُلْتُهُ، وَمَا خَالَفَهُ فَلَمْ أَقُلْهُ " [2] .
-[225]- فقلْتُ له: ما رَوَى هذا أحدٌ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ في شيء صَغُرَ وَلَا كَبُرَ، فيُقالَ لنا: قدْ ثَبَّتُّمْ حَدِيثَ مَنْ رَوَى هَذا في شَيْءٍ.
وهذه أيضاً رِوايةٌ مُنْقَطِعة عَن رَجُلٍ مَجْهولٍ، ونحن لا نَقْبَلُ مِثْلَ هذه الرِّوايَةِ في شيْءٍ. [1] لا أعرف له كتاباً بهذا الاسم ولعله يريد ما ذكر على الجملة من أحوال السنة مع القرآن من هذا الكتاب والله أعلم. [2] في "كشف الخفاء" لِلْعَجْلُونِيِّ: هذا حديث مِن أوْضَعِ المَوْضُوعَاتِ.
نام کتاب : الرسالة للشافعي نویسنده : الشافعي جلد : 1 صفحه : 222