responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 3  صفحه : 64
(قَالُوا) أَيْ الْمَانِعُونَ ثَانِيًا نَسْخُ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ (يُوجِبُ التَّنْفِيرَ) لِلنَّاسِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ بِمَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَّا لَمْ يَنْسَخْهُ وَحُصُولُ التَّنْفِيرِ مُنَافٍ لِمَقْصُودِ الْبَعْثَةِ وَهُوَ التَّأَسِّي بِهِ وَالِاقْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ مَرَضِيٍّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَمُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ} [النساء: 64] (أُجِيبُ) بِمَنْعِ حُصُولِ النَّفْرَةِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ فَإِنَّهُ (إذَا آمَنَّا بِأَنَّهُ مُبَلِّغٌ) عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا غَيْرُ (لَمْ يَلْزَمْ) مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ وُجُودُ النَّفْرَةِ إذْ الْجَمِيعُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(وَأَمَّا قَلْبُهُ) وَهُوَ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ (فَمَنَعَهُ) الشَّافِعِيُّ (قَوْلًا وَاحِدًا) كَمَا رَأَيْت فَهُوَ كَمَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَطَعَ جَوَابَهُ بِأَنَّ الْكِتَابَ لَا يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ وَعَلِمْت تَأْوِيلَ السُّبْكِيّ (وَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّهُ لَا مَانِعَ عَقْلِيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ مِنْ ذَلِكَ (وَوُقُوعُهُ) فَأَخْرَجَ الشَّافِعِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ) وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالسُّنَنِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَهَذَا لِعُمُومِهِ فِي نَفْيِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ (نَسْخُ الْوَصِيَّةِ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) الثَّابِتَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180] (وَالِاعْتِرَاضُ مُنْتَهَضٌ عَلَى الْوُقُوعِ) أَيْ وُقُوعِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَضْرَابِهِ (بِأَنَّهَا آحَادٌ فَلَوْ صَحَّ) نَسْخُ الْقُرْآنِ بِهَا (نُسِخَ بِهَا) أَيْ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ (الْقُرْآنُ) وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ اتِّفَاقًا (إلَّا أَنْ يُدَّعَى فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ (الشُّهْرَةُ فَيَجُوزُ) النَّسْخُ بِهَا (عَلَى) اصْطِلَاحِ (الْحَنَفِيَّةِ) حَتَّى نَقَلَ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِمِثْلِ خَبَرِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِشُهْرَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ وَكَوْنُهَا مَشْهُورَةً فَيَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِهَا (الْحَقُّ) لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الْمُتَوَاتِرِ إذْ الْمُتَوَاتِرُ نَوْعَانِ: مُتَوَاتِرٌ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةِ وَمُتَوَاتِرٌ مِنْ حَيْثُ ظُهُورِ الْعَمَلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَإِنَّ ظُهُورَهُ يُغْنِي النَّاسَ عَنْ رِوَايَتِهِ وَهَذَا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَإِنَّ الْعَمَلَ ظَهَرَ بِهِ مَعَ الْقَبُولِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِلَا تَنَازُعٍ فَيَجُوزُ بِهِ النَّسْخُ وَقِيلَ لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ تَوَاتُرِ هَذَا وَنَحْوِهِ لِلْمُجْتَهِدِينَ الْحَاكِمِينَ بِالنَّسْخِ لِقُرْبِهِمْ مِنْ زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(وَإِذْ قَالَ) الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ (لَمْ يُوجَدْ) فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا نُسِخَ بِالسُّنَّةِ إلَّا مِنْ طَرِيقِ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ (فَالْوَجْهُ) فِي الِاسْتِدْلَالِ لِلْوُقُوعِ أَنْ يُقَالَ (الْإِجْمَاعُ) عَلَى الْحُكْمِ الْمُتَأَخِّرِ (دَلَّ عَلَى النَّاسِخِ) لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُسْتَنَدٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ النَّسْخَ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ (وَلَمْ يُوجَدْ) النَّاسِخُ (فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ سُنَّةٌ) هَذَا مَا عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مِنْ مَشَايِخِنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ وَصَدْرُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْمِيزَانِ وَأَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ تَمَامِ دَعْوَى الزَّجَّاجِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْوَصِيَّةِ نَسَخَتْهُ آيَاتُ الْمَوَارِيثِ نَعَمْ ذَهَبَ إلَيْهِ كَثِيرٌ وَاخْتَارَهُ الْجَصَّاصُ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الْوَصِيَّةَ إلَى الْعِبَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 180] . ثُمَّ تَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] الْآيَةَ وَقَصْرُ الْإِيصَاءِ عَلَى حُدُودٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ النِّصْفِ وَالرُّبُعِ وَالثُّمُنِ وَالثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ وَالسُّدُسِ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَلَا يَنْقُصُ عَنْهَا لِعِلْمِهِ تَعَالَى بِجَهْلِ الْعِبَادِ وَعَجْزِهِمْ عَنْ مَعْرِفَةِ مَقَادِيرِهِ وَبِمَنْ هُوَ الْأَنْفَعُ مِنْ هَذِهِ الْوَرَثَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَ بَيَانُ الْمَوَارِيثِ هُوَ الْإِيصَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ فَانْتَهَى حُكْمُ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِأَقْوَى الطَّرِيقَيْنِ كَمَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَنْتَهِي حُكْمُ الْوَكَالَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ.
نَعَمْ الْحَدِيثُ مُقَرِّرٌ لِنَسْخِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَمُشْعِرٌ بِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ شَرْعِيَّةِ الْمِيرَاثِ حَيْثُ رَتَّبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلَهُ «فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» عَلَى قَوْلِهِ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ فِي مِثْلِهِ تُشْعِرُ بِسَبَبِيَّةِ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا كَمَا فِي زَارَنِي فَأَكْرَمْته وَدُفِعَ فِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ هَذَا بِأَنَّ دَعْوَى النَّسْخِ بِآيَةِ الْمَوَارِيثِ لَا تَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّ اللَّهَ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 3  صفحه : 64
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست