responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 98
(تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ) بِالْأَتْعَابِ بِالْأَفْعَالِ وَالتُّرُوكِ الشَّاقَّةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَالِكِ فَإِنَّ مَا يَتَصَرَّفُ الْإِنْسَانُ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهَا مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى (وَبِأَنَّهُ) أَيْ شُكْرَ الْعَبْدِ النِّعْمَةَ (يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ) فَإِنَّ شُكْرَ النِّعْمَةِ قَدْ يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلنِّعْمَةِ قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَمْلَكَةِ الْمُنْعِمِ وَعَظَمَتِهِ ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ شُكْرُهَا مِمَّا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِ الْمُنْعِمِ وَنِعَمِ اللَّهِ الْفَائِضَةِ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الْوُجُودِ وَالْقُوَى وَغَيْرِهَا لَيْسَ لَهَا قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَظَمَةِ اللَّهِ وَمَلَكُوتِهِ وَالشُّكْرُ الَّذِي يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ لِأَجْلِهَا لَا يَلِيقُ بِكِبْرِيَائِهِ وَمَا مَثَلُهُ إلَّا كَمَثَلِ فَقِيرٍ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ مَلِكٌ مَلَكَ الْبِلَادَ شَرْقًا وَغَرْبًا وَعَمّ الْعِبَادَ وَهْبًا وَنَهْبًا بِلُقْمَةِ خُبْزٍ فَطَفِقَ يَذْكُرُهَا فِي الْمَجَامِعِ وَيَشْكُرُهُ عَلَيْهَا بِتَحْرِيكِ أُنْمُلَتِهِ فَكَمَا أَنَّ هَذَا مِنْ الْفَقِيرِ لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِ الْمَلِكِ وَيُعَدُّ اسْتِهْزَاءً مِنْهُ فَكَذَا شُكْرُ الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَلَالِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ بَلْ اللُّقْمَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَلِكِ وَمَا يَمْلِكُهُ أَكْثَرُ مِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ لِأَنَّ نِعَمَ اللَّهِ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ وَمَا يَمْلِكُهُ الْمَلِكُ مُتَنَاهٍ
وَشُكْرُ الْعَبْدِ بِفِعْلِهِ أَقَلُّ قَدْرًا فِي جَنْبِ اللَّهِ مِنْ شُكْرِ الْفَقِيرِ بِتَحْرِيكِ أُصْبُعِهِ وَرُبَّمَا لَا يَقَعُ لَائِقًا بِجَنَابِ الْجَبَرُوتِ فَيَكُونُ تَرْكُ الشُّكْرِ وَاجِبًا قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَقَدْ طَالَ رَوَاجُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى تَهَافُتِهَا) أَيْ مَعَ سُقُوطِهَا بَيْنَهُمْ (فَإِنَّ الْحُكْمَ بِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ) بِالْفِعْلِ عَقْلًا (تَابِعٌ لِعَقْلِيَّةِ مَا فِي الْفِعْلِ) مِنْ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ (فَإِذَا عَقَلَ فِيهِ حُسْنَ) صِفَتِهِ أَنَّهُ (يَلْزَمُ بِتَرْكِ مَا) أَيْ الْفِعْلِ الَّذِي (هُوَ) أَيْ الْحَسَنُ (فِيهِ الْقُبْحُ كَحُسْنِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُسْتَلْزِمِ تَرْكُهُ) أَيْ شُكْرُهُ (قُبْحَ الْكُفْرَانِ بِالضَّرُورَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ) الْعَقْلُ (حُكْمَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الشُّكْرِ قَطْعًا وَإِذَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ) عَقْلًا (بِلَا مَرَدٍّ لَمْ يَبْقَ لَنَا حَاجَةٌ فِي تَعْيِينِ فَائِدَةٍ بَلْ نَقْطَعُ بِثُبُوتِهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ (فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عُلِمَ عَيْنُهَا أَوْ لَا) عَلَى أَنَّهُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْهِنْدِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ مُطْلَقًا قَبِيحٌ بَلْ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ مَنْ يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ أَمَّا مَنْ لَا يَلْحَقُهُ الضَّرَرُ فَلَا يُحْكَمُ فِيهِ بِالْقُبْحِ وَلِهَذَا يَحْسُنُ مِنَّا الِاسْتِظْلَالُ بِحَائِطِ الْغَيْرِ وَالِاسْتِصْبَاحُ مِنْ مِصْبَاحِهِ وَالنَّظَرُ فِي مِرْآتِهِ لِحُصُولِ النَّفْعِ الْخَالِي عَنْ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلِأَنَّ الْإِذْنَ حَاصِلٌ دَلَالَةً لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَبِيدُهُ مُضْطَرِّينَ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَعِنْدَهُ خَزَائِنُ الطَّعَامِ وَبِحَارُ الشَّرَابِ لَا يَنْقُصُ مِنْ خَزَائِنِهِ شَيْءٌ فَالْعَادَةُ تَحْكُمُ بِالْإِذْنِ بِالتَّنَاوُلِ مِنْهَا كَيْ لَا يَهْلَكُوا بِالِامْتِنَاعِ عَنْهُ وَنِعَمُ اللَّهِ فِي ذَاتِهَا أُمُورٌ عَظِيمَةٌ كَإِيجَادِ الْإِنْسَانِ بِقُوَاهُ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَالْأَعْضَاءِ السَّلِيمَةِ لَوْ اجْتَمَعَ الْخَلَائِقُ عَلَى تَحْصِيلِ وَاحِدٍ مِنْهَا لَعَجَزُوا فَالشُّكْرُ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ لَا يُعَدُّ اسْتِهْزَاءً وَكَوْنُهَا قَلِيلَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقْدَحُ فِي عِظَمِهَا فِي ذَاتِهَا وَبِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا وَلَيْسَ هَذَا كَشُكْرِ الْمَلِكِ عَلَى لُقْمَةِ خُبْزٍ لِأَنَّ اللُّقْمَةَ حَقِيرَةٌ فِي الْعُرْفِ يَقْدِرُ عَلَى إعْطَاءِ أَمْثَالِهَا غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ فَكَانَ شُكْرُهُ عَلَى ذَلِكَ اسْتِهْزَاءً وَلَيْسَ نِعَمُ اللَّهِ عَلَى الْعَبْدِ كَذَلِكَ اهـ وَأَيْضًا كَمَا قَالَ أَبُو هَاشِمٍ: النِّعْمَةُ إذَا كَانَ لَهَا قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَاجَاتِ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِكِ النِّعَمِ لَا يُعَدُّ شُكْرُهَا اسْتِهْزَاءً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى مِلْكٌ يَمْلِكُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ فَقِيرًا مِائَةَ دِينَارٍ وَتَنْقَضِي حَاجَاتُهُ فِي سَنَةٍ بِهَا اُسْتُحْسِنَ مِنْهُ أَنْ يَشْكُرَهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَدْرٌ يُعْتَدُّ بِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى خَزَائِنِ الْمَلِكِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(وَلَوْ مَنَعُوا) أَيْ الْأَشَاعِرَةُ (اتِّصَافَ الشُّكْرِ) بِالْحُسْنِ (وَالْكُفْرَانِ) بِالْقُبْحِ (لَمْ تَصِرْ مَسْأَلَةٌ عَلَى التَّنَزُّلِ) لِانْتِفَائِهِ بِمَنْعِ الِاتِّصَافِ (وَكَذَا انْفِصَالُ الْمُعْتَزِلَةِ) الْمَذْكُورُ يَمْنَعُ صَيْرُورَتَهَا مَسْأَلَةً مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (فَإِنَّ دَفْعَ ضَرَرِ خَوْفِ الْعِقَابِ) عَلَى التَّرْكِ (إنَّمَا يَصِحُّ حَامِلًا عَلَى الْعَمَلِ) الَّذِي هُوَ الشُّكْرُ (وَهُوَ) أَيْ الْخَوْفُ (بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْوُجُوبِ) لِلشُّكْرِ (بِطَرِيقِهِ) أَيْ الْعِلْمِ (وَهُوَ) أَيْ الْعِلْمُ بِالْوُجُوبِ بِطَرِيقِهِ هُوَ (الَّذِي فِيهِ الْكَلَامُ وَتَسْلِيمُ لُزُومِ الْخُطُورِ وَمُعَارَضَتِهِمْ) أَيْ الْأَشَاعِرَةِ لِلْمُعْتَزِلَةِ (بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلْزَامِيٌّ) مِنْ الْأَشَاعِرَةِ لِلْمُعْتَزِلَةِ (إذْ اعْتَرَفُوا) أَيْ الْأَشَاعِرَةُ (فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنَّ حُرْمَتَهُ) أَيْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ (لَيْسَتْ عَقْلِيَّةً وَأَمَّا) مُعَارَضَتُهُمْ (بِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ فَيُقْضَى مِنْهُ الْعَجَبُ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَيْفَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ شَاكِرٌ حَقِيقَةً وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ تَعْظِيمِ الْبَاطِنِ وَخَفْضِ الْجُنَاحِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست