responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 201
بِالتَّكَلُّمِ بِهَا وَالْمُكْرَهُ غَيْرُ رَاضٍ بِالتَّكَلُّمِ بِهَا وَوَافَقْنَا الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَرْبِيِّ لَا الذِّمِّيِّ كَمَا سَيُعْرَفُ فِي الْإِكْرَاهِ وَمِنْ هَذَا يُعْرَفُ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ عِنْدَنَا.

[السَّفَهُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَهْلِيَّةِ الْمُكْتَسِبَة]
(وَمِنْهَا) أَيْ الْمُكْتَسَبَةُ مِنْ نَفْسِهِ (السَّفَهُ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْخِفَّةُ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفِقْهِ (خِفَّةٌ تَبْعَثُ) الْإِنْسَانَ (عَلَى الْعَمَلِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مُقْتَضَى الْعَقْلِ) ، وَلَمْ يَقُلْ وَالشَّرْعُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْلِ أَنْ لَا يُخَالِفَ الشَّرْعَ لِلْأَدِلَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ (مَعَ عَدَمِ اخْتِلَالِهِ) أَيْ الْعَقْلِ فَخَرَجَ الْجُنُونُ وَالْعَتَهُ (وَلَا يُنَافِي) السَّفَهُ أَهْلِيَّةَ الْخِطَابِ وَلَا أَهْلِيَّةَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِمَنَاطِهِمَا وَهُوَ الْعَقْلُ وَسَائِرُ الْقُوَى الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ إلَّا أَنَّ السَّفِيهَ يُكَابِرُ عَقْلَهُ بِعَمَلِهِ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَاهُ فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي مُطَالَبٌ بِالْعَمَلِ بِمُوجِبِهَا مُثَابٌ عَلَيْهِ مُعَاقَبٌ عَلَى مُخَالِفَتِهِ فَلَا يُنَافِي (شَيْئًا مِنْ الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِوُجُوبِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ أَهْلًا لِحُقُوقِ الْعِبَادِ، وَهِيَ التَّصَرُّفَاتُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَإِنَّ حُقُوقَهُ أَعْظَمُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ إلَّا مَنْ هُوَ كَامِلُ الْحَالِ وَالْأَهْلِيَّةِ بِخِلَافِ حُقُوقِهِمْ وَمِنْ ثَمَّةَ وَجَبَ عَلَى الصَّبِيِّ نَفَقَةُ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ، وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَنَحْوُهُمَا (وَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ مَالِهِ) أَيْ السَّفِيهِ مِنْهُ (أَوَّلَ بُلُوغِهِ) سَفِيهًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] أَيْ لَا تُعْطُوا الْمُبَذِّرِينَ أَمْوَالَهُمْ يُنْفِقُونَهَا فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَأَضَافَ الْأَمْوَالَ إلَى الْأَوْلِيَاءِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَا يُقِيمُ بِهِ النَّاسُ مَعَايِشَهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] أَوْ لِأَنَّهُمْ الْمُتَصَرِّفُونَ فِيهَا الْقَوَّامُونَ عَلَيْهَا.
(وَعَلَّقَهُ) أَيْ إيتَاءَ الْأَمْوَالِ إيَّاهُمْ (بِإِينَاسِ الرُّشْدِ) عَلَى وَجْهِ التَّنْكِيرِ الْمُفِيدِ لِلتَّقْلِيلِ حَيْثُ قَالَ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] أَيْ إنْ عَرَفْتُمْ وَرَأَيْتُمْ فِيهِمْ صَلَاحًا فِي الْفِعْلِ وَحِفْظًا لِلْمَالِ فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ (فَاعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ مَظِنَّتَهُ) أَيْ الرُّشْدِ (بُلُوغَ سِنِّ الْجَدِّيَّةِ) أَيْ كَوْنِهِ جَدًّا لِغَيْرِهِ أَعْنِي (خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً) إذْ أَدْنَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهَا أَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ ثُمَّ يَبْلُغُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَيُولَدُ لَهُ وَلَدٌ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَصِيرُ هُوَ جَدًّا فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مَظِنَّةَ بُلُوغِ الرُّشْدِ (لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ رُشْدٍ مَا نَظَرًا إلَى دَلِيلِهِ) أَيْ حُصُولِ الرُّشْدِ لَهُ شَرْطًا لِوُجُوبِ الدَّفْعِ لَهُ (مِنْ مُضِيِّ زَمَانِ التَّجْرِبَةِ) إذْ التَّجَارِبُ لِقَاحُ الْعُقُولِ (وَهُوَ) أَيْ حُصُولُ رُشْدٍ مَا (الشَّرْطُ لِتَنْكِيرِهِ) أَيْ رُشْدٍ فِي الْإِثْبَاتِ فِي الْآيَةِ فَيَتَحَقَّقُ بِأَدْنَى مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَمَا فِي الشُّرُوطِ الْمُنَكَّرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ هَذَا السِّنَّ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الرُّشْدِ إلَّا نَادِرًا فَأُقِيم مَقَامَ الرُّشْدُ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي الشَّرْعِ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالْغَالِبِ فَقَالَ يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ بَعْدَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً أُونِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ أَوْ لَا (وَوَقَفَاهُ) أَيْ إيتَاءَ مَالِهِ (عَلَى حَقِيقَتِهِ) أَيْ الرُّشْدِ (وَفُهِمَ تَخَلُّقُهُ) أَيْ السَّفِيهِ بِالرُّشْدِ (وَاخْتَلَفُوا فِي حَجْرِهِ) أَيْ السَّفِيهِ (بِأَنْ يُمْنَعَ نَفَاذَ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ لِلْهَزْلِ) أَيْ الَّتِي يُبْطِلُهَا الْهَزْلُ، وَهِيَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَمَّا الْفِعْلِيَّةُ كَالْإِتْلَافَاتِ وَالْقَوْلِيَّةُ الَّتِي لَا يُبْطِلُهَا الْهَزْلُ، وَهِيَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَالسَّفَهُ لَا يَمْنَعُ نَفَاذَهَا بِالِاتِّفَاقِ (فَأَثْبَتَاهُ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ حَجْرَ السَّفِيهِ عَنْهَا (نَظَرًا لَهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ مَالِهِ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ النَّظَرِ (لِلْمُسْلِمِ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُسْلِمٌ لِإِسْلَامِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا بِعِصْيَانِهِ وَنَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ أَيْضًا فَإِنَّهُ بِإِسْرَافِهِ وَإِتْلَافِهِ يَصِيرُ مَظِنَّةً لِلدُّيُونِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَصِيرُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ وَبَالًا وَعَلَى بَيْتِ مَالِهِمْ عِيَالًا.
(وَنَفَاهُ) أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ حَجْرَ السَّفِيهِ عَنْهَا (لِأَنَّهُ) أَيْ السَّفَهَ (لَمَّا كَانَ مُكَابَرَةً) لِلْعَقْلِ فِي التَّبْذِيرِ بِغَلَبَةِ الْهَوَى مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ (وَتَرْكًا لِلْوَاجِبِ) وَهُوَ مُقْتَضَى الْعَقْلِ (لَمْ يَسْتَوْجِبْ النَّظَرَ) صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَلَمَّا كَانَ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ مِنْ قِبَلِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُجِيزَ أَبُو حَنِيفَةَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ يَسْتَوْجِبُ الْعُقُوبَةَ وَالْعَفْوُ عَنْهُ جَائِزٌ دَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ إنَّمَا يَحْسُنُ) الْحَجْرُ عَلَيْهِ (إذَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ) الْحَجْرُ عَلَيْهِ (ضَرَرًا فَوْقَهُ) أَيْ هَذَا الضَّرَرِ لَكِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ (مِنْ إهْدَارِ أَهْلِيَّتِهِ وَإِلْحَاقِهِ بِالْجَمَادَاتِ) فَإِنَّ الْأَهْلِيَّةَ نِعْمَةٌ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست