responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 156
فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي مَعْرِفَةِ كَوْنِهَا صَحِيحَةً وَغَيْرَ صَحِيحَةٍ بِمَعْنَى كَوْنِهَا مُوَافِقَةً لِأَمْرِ الشَّارِعِ أَمْ لَا بَعْدَ وُرُودِ الْأَمْرِ بِهَا إلَى تَوْقِيفِ الشَّارِعِ (وَكَوْنِ الْحُكْمِ بِهِ) أَيْ تَرَتُّبِ الْأَثَرِ عَلَى الْفِعْلِ (بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ) أَيْ تَرَتُّبِ الْأَثَرِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ (بِالْعَقْلِ شَيْءٌ آخَرُ) ثُمَّ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ أَنَّ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ الصَّوَابُ أَنَّ الصِّحَّةَ وَالْبُطْلَانَ وَالْحُكْمَ بِهِمَا أُمُورٌ شَرْعِيَّةٌ، وَكَوْنُ الْفِعْلِ مُسْقِطًا أَوْ مُوَافِقًا لِلشَّرْعِ هُوَ فِعْلُ اللَّهِ وَتَصْيِيرُهُ إيَّاهُ سَبَبًا لِذَلِكَ فَمَا الْمُوَافَقَةُ وَلَا الْإِسْقَاطُ بِعَقْلِيِّينَ؛ لِأَنَّ لِلشَّرْعِ فِيهِمَا مَدْخَلًا وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الصِّحَّةُ شَرْعِيَّةً لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِهَا لَكِنَّهُ يَقْضِي بِالصِّحَّةِ إجْمَاعًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَقْضِيَةِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ.

(وَاعْلَمْ أَنَّ نَقْلَ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْأَصْلِ وُقُوعُ الظَّانِّ مُخْطِئًا عَلَى عَكْسِ الشَّافِعِيَّةِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْقَائِلَةُ هَلْ تَثْبُتُ صِفَةُ الْجَوَازِ لِلْمَأْمُورِ بِهِ إذَا أَتَى) الْمَأْمُورُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَأْمُورِ بِهِ (إلَى آخِرِهَا) وَهُوَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا إلَّا بِدَلِيلٍ وَرَاءَ الْأَمْرِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُثْبِتُ بِهِ صِفَةَ الْجَوَازِ كَذَا فِي الْمَنَارِ قُلْت، وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ تَخْتَصَّ الشَّافِعِيَّةُ بِنَقْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَعْنَى الصِّحَّةِ بَلْ شَارَكَهُمْ فِيهِ كَذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشْفِ وَالتَّحْقِيقِ فِيهِمَا كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إلَى الشَّافِعِيَّةِ وَلَمْ تَخْتَصَّ الْحَنَفِيَّةُ بِالْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي ثُبُوتِ صِفَةِ الْجَوَازِ لِلْمَأْمُورِ بِهِ إذَا أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ بَلْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ الْإِجْزَاءُ الِامْتِثَالُ لِلْأَمْرِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِتْيَانُ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِشَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِهِ وَشَرَائِطِهِ يُحَقِّقُ الْإِجْزَاءَ اتِّفَاقًا لِامْتِنَاعِ انْفِكَاكِ الشَّيْءِ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ حَقِيقَةَ مَعْنَى الِامْتِثَالِ لِلْأَمْرِ الْإِتْيَانُ الْمَذْكُورُ وَقِيلَ الْإِجْزَاءُ إسْقَاطُ الْقَضَاءِ وَحِينَئِذٍ فَقَالَ الْجُمْهُورُ إتْيَانُ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَ الْقَضَاءِ إذْ لَوْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ لَجَازَ أَنْ يَبْقَى الطَّلَبُ مُتَعَلِّقًا بِمَا فِي ذِمَّةِ الْمُكَلَّفِ مَعَ إتْيَانِهِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ مَا فَعَلَ كَانَ طَلَبًا لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ عِوَضًا عَنْهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَزِمَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ أَوَّلًا بِكُلِّ الْمَأْمُورِ بِهِ بَلْ بِبَعْضِهِ وَقَدْ فُرِضَ أَنَّهُ أَتَى بِهِ كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِغَيْرِهِ وَاسْتِئْنَافًا فَلَيْسَ بِقَضَاءٍ وَذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ وَعَبْدُ الْجَبَّارِ إلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ الْحَكِيمُ افْعَلْ كَذَا فَإِذَا فَعَلْت أَدَّيْت الْوَاجِبَ وَيَلْزَمُك مَعَ ذَلِكَ الْقَضَاءُ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي الْعُمَدِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا غَيْرُ مُجْزِئٍ وَلَا نَعْنِي بِهِ أَنَّهُ لَمْ يُمْتَثَلْ وَلَا أَنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ وَقَعَ مَوْقِعَ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يُقْضَى. اهـ. فَقَدْ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي الْإِجْزَاءِ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لَهُ وَلَا فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ، وَإِنَّمَا يُخَالِفُ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْقَضَاءِ وَأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ أَنَّ الْقَضَاءَ مَا فُعِلَ بَعْدَ وَقْتِ الْأَدَاءِ اسْتِدْرَاكًا بَلْ هَذَا تَفْسِيرٌ لِأَحَدِ قِسْمَيْهِ فَهُوَ عِنْدَهُ مِثْلُ الْوَاجِبِ أَوَّلًا.
وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِطِهِ فَإِذَنْ النِّزَاعُ لَفْظِيٌّ كَمَا ذَكَرَ السُّبْكِيُّ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ وَعَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَدَّ أَمْرٌ آخَرُ بِعِبَادَةٍ يُوقِعُهَا الْمَأْمُورُ عَلَى حَسَبِ مَا أَوْقَعَ الْأَوْلَى وَأَنَّهُ كَمَا ثَمَّ مَنْ لَمْ يُسَمِّهَا قَضَاءً، ثُمَّ مَنْ يُسَمِّيهَا قَضَاءً، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ بَعِيدَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ وَاحِدَةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ لَيْسَ بَيْنَ النُّقُولِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافٌ فِي الْحَقِيقَةِ. وَأَمَّا أَنَّ الْفَرْعَ قِيلَ فِيهِ عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَذْكُورَةَ صَحِيحَةٌ وَمُجْزِيَةٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرُ مُجْزِيَةٍ وَلَا صَحِيحَةٍ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِينَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ بَلْ فِي الْبَدِيعِ قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ لَا يَكُونُ الِامْتِثَالُ دَلِيلَ الْإِجْزَاءِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الِامْتِثَالُ مُسْتَلْزِمًا لِلْإِجْزَاءِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُعِيدَ الصَّلَاةَ أَوْ يَأْثَمَ إذَا عَلِمَ الْحَدَثَ بَعْدَمَا صَلَّى بِظَنِّ الطَّهَارَةِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِعَادَةِ وَغَيْرُ آثِمٍ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةُ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ إمَّا مَأْمُورٌ أَنْ يُصَلِّيَ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ أَوْ بِيَقِينِهَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِإِتْيَانِهِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَزِمَ الْإِثْمُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ قُلْنَا الْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ بِأَمْرٍ ثَانٍ بِتَوَجُّهِهِ بِالْأَدَاءِ حَالَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ الْأَدَاءِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ حَتَّى لَوْ مَاتَ عِنْدَ الْعِلْمِ أَجْزَأَتْهُ

نام کتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام نویسنده : ابن أمير حاج    جلد : 2  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست