responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في أصول الفقه نویسنده : الزركشي، بدر الدين    جلد : 8  صفحه : 287
مُصِيبٌ فِي اجْتِهَادِهِ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: الْمُخْطِئُ فِي الْحُكْمِ مُخْطِئٌ فِي الِاجْتِهَادِ. وَقِيلَ: الْكُلُّ مُصِيبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْحُكْمِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ. وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، فَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ عِنْدَ اللَّهِ شَبَهًا رُبَّمَا أَصَابَهُ الْمُجْتَهِدُ وَرُبَّمَا أَخْطَأَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ. وَالْقَائِلُونَ بِالْأَشْبَهِ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ، فَقِيلَ: تَفْسِيرُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ أَشْبَهَ. وَقِيلَ: الشَّبَهُ عِنْدَ اللَّهِ فِي حُكْمِ الْحَادِثَةِ قُوَّةُ الشُّبْهَةِ، فَهُوَ الْأَمَارَةُ. وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي وَاحِدٍ يَجِبُ طَلَبُهُ. وَقِيلَ الْأَشْبَهُ عِنْدَ اللَّهِ أَنَّهُ عِنْدَهُ فِي الْحَادِثَةِ حُكْمُ لَوْ نَصَّ عَلَيْهِ وَبَيَّنَهُ لَمْ يَنُصَّ إلَّا عَلَيْهِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذَاهِبِ أَصْحَابِنَا هُوَ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْحَقَّ فِي وَاحِدٍ، وَمَا سِوَاهُ بَاطِلٌ، وَأَنَّ الْإِثْمَ مَرْفُوعٌ عَنْ الْمُخْطِئِ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ ": كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ يَقُولَانِ: إنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْحَقَّ فِي وَاحِدٍ، إلَّا أَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُصِيبٌ، وَإِنَّمَا يَظُنُّ ذَلِكَ. وَقَالَ سُلَيْمٌ: ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ إلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهَا وَاحِدٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يُنَصِّبُ عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا [إمَّا] غَامِضًا وَإِمَّا جَلِيًّا. وَكُلِّفَ الْمُجْتَهِدُ طَلَبَهُ وَإِصَابَتَهُ بِذَلِكَ الدَّلِيلِ، فَإِذَا اجْتَهَدَ وَأَصَابَهُ كَانَ مُصِيبًا عِنْدَ اللَّهِ وَفِي الْحُكْمِ، وَلَهُ أَجْرٌ عَلَى اجْتِهَادِهِ، وَأَجْرٌ عَلَى إصَابَتِهِ. وَإِنْ أَخْطَأَهُ كَانَ مُخْطِئًا عِنْدَ اللَّهِ وَفِي الْحُكْمِ، إلَّا أَنَّ لَهُ أَجْرًا عَلَى اجْتِهَادِهِ، وَالْخَطَأُ مَرْفُوعٌ.
وَحُكِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ الْمَرِيسِيِّ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَالْأَصَمُّ وَزَادُوا فَقَالُوا: عَلَيْهِ دَلِيلٌ مَقْطُوعٌ بِهِ، ثُمَّ أَخْطَأَهُ، كَانَ آثِمًا مُضَلِّلًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ " إبْطَالِ الْقَوْلِ بِالِاسْتِحْسَانِ ": إنَّ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَعَلَيْهِ دَلِيلٌ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْ الْمُجْتَهِدَ إصَابَتَهُ وَإِنَّمَا كَلَّفَهُ طَلَبَهُ، فَإِنْ أَصَابَهُ كَانَ مُصِيبًا، وَإِنْ أَخْطَأَ كَانَ مُخْطِئًا عِنْدَ اللَّهِ، لَا فِي الْحُكْمِ.

نام کتاب : البحر المحيط في أصول الفقه نویسنده : الزركشي، بدر الدين    جلد : 8  صفحه : 287
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست